وقال تعالى: (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا) [الأحقاف: ١٥]. فحولان وستة أشهر ثلاثون شهرا، لا رجم عليها. فخلى عمر سبيلها وولدت مرة أخرى لذلك الحد. وقال ابن قدامة في "المغني" (١١ مسألة ١٣٥٤) ولو طلقها أومات عنها، فلم تنكح حتى أتت بولد بعد طلاقها أو موته بعد أربع سنين، لحقة الولد، وانقضت عدتها به. وقال الشوكاني في "السيل" ٢): لم يأتي دليل قط لا صحيح ولاحسن ولا ضعيف، مرفوع إلى رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أن أقل الحمل كذا ولم يستدلوا إلا بقوله عز وجل: (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا) [الأحقاف:١٥]، مع قوله سبحانه: (وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ) [لقمان: ١٤]. ويقوي هذه الدلالة الإيمائيه أنه لم يسمع في المنقول عن أهل التواريخ والسير أنه عاش مولود لدون ستة أشهر وهكذا في عصرنا لم يسمع بشيء من هذا، بل الغالب أن المولود لستة أشهر لا يعيش إلا نادرا ولكن وجود هذا النادر يدل على ان الستة أشهر أقل مدة الحمل. وقد كان من مدة من ولد لستة أشهر من المشهورين عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي، وهكذا لم يرد في حديث صحيح ولا حسن ولا ضعيف، مرفوع إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن أكثر مدة الحمل أربع سنين ولكنه اتفك ذلك ووقع كما تحكيه كتب التاريخ. غير أن هذا الاتفاق لا يدل على أن الحمل لا يكون أكثر من هذه المدة كما أن أكثرية التسعة أشهر في مدة الحمل لا تدل على أنه لا يكون في النادر أكثر منها، فإن ذلك خلاف ما هو الواقع. والحاصل أنه ليس هناك ما يوجب القطع بل إذا كان ظاهر بطن المرأة فيه حملا كأن يكون متعظما ولا علة بالمرأة تقتضي ذلك وحيضها منقطع وهي تجد ما تجده الحامل فالانتظار متوجه ما دامت كذلك وإن طالت المدة. أماإذا كان ثم حركة في البطن كما يكون في بطن الحامل فلا يقول بأنها إذا مضت الأربع السنين لا يكون له حكم الحمل إلا من هو من أهل الجحود الذي يتميز لهم، فإن الحمل ها هنا قد صار متيقنا بوجود الحركة التي لا تكون إلا من جنين موجود في البطن. ... ". وانظر "زاد الميعاد" (٥).