للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذه القصة هي حاصل ما وقع في أيام النبوة مما يستدل به على ثبوت فراش الأمة (١)، ولحوق ولدها. فهل روي في لفظ من ألفاظ هذا الحديث، أو في حرف من حروفه أنه وقع من - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - السؤال: هل جاءت به لستة أشهر، أو لما دونها أو لما فوقها؟ وهل ثبت في لفظ من ألفاظه أو حرف من حروفه أنها وقعت منه الدعوة بل قال بعد التداعي لديه: "هو لك ياعبد بن زمعة " (٢) بعد قوله: ولد على فراش ابي، ولم يلتفت إلى قول من قال: عهد إلى فيه أخي فحكم- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بالولد للفراش ولم يعتبر غير ذلك.

وفي هذا المقدار كفاية. والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه.

كتبه المجيب محمد الشوكاني- غفر الله له -.


(١) قال الأمير الصنعاني في "سبل السلام" (٦) بتحقيقي: فأثبت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الولد بفراش زمعة للوليدة المذكورة، فسبب الحكم ومحله إنما كان في الأمة. وهذا كله الجمهور وإليه ذهب الشافعي ومالك والنخاعي وأحمد وإسحاق.
وقال الشوكاني في "السيل" (٢ - ٣٥٤) بتحقيقي: فهذا الحديث قد دل على ثبوت الفراش للأمة ودل على فراش ثبوت الحرةبفحوى الخطاب وتمسك المشترطون للدعوة بهذه الدعوة الواقعة في الحديث. ولكن هذا إنما اتفق في هذه الحادثة وليس فيها ما يدل على أن ذلك شرط لا يثبت النسب بدونه. فقد كان الصحابة في زمنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يطؤون الإماء ويحدث لهم منهن الأولاد ويصيرون أولادا لهم.
ولم يسمع أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخبرهم بأنه لابد من الدعوة ولا ورد ذلك في شيء من المرفوع ولا سمع عن صحابي أنه قال باشتراط ذلك. وهكذا من بعد الصحابة.
فالحاصل أن فراش الأمة يثبت بما يثبت به فراش الحرة وثبوت الملك عليها بمنزلة العقد على الحرة فلا يعتبر معه إلا ما يعتبر في فراش الحرة في إمكان الوطء.
(٢) انظر تفصيل ذلك في " البحر المحيط" (٣) للزركشي. "الكوكب المنير" (٣).