للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتابعين وتابعيهم هو إيراد أدلة الصفات على ظاهرها، من دون تحريف لها، ولا تأويل متعسف لشيء منها، ولا جبر ولا تشبيه ولا تعطيل يفضي إليه كثير من التأويل. وكانوا إذا سأل سائل عن شيء من الصفات تلوا عليه الدليل، وأمسكوا عن القال والقيل، وقالوا: قال الله هكذا، ولا ندري بما سوى ذلك، ولا نتكفف، ولا نتكلم بما لم نعلمه (١)، ولا أذن الله لنا بمجاوزته، فإن أراد السائل أن يظفر منهم بزيادة على الظاهر زجروه عن الخوض فيما لا يعنيه، ونهوه عن طلب ما لا يمكن الوصول إليه إلا بالوقوع في بدعة من البدع التي هي غير ما هم عليه، وما حفظوه عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وحفظه


(١) كان السلف أبعد الناس عن الخوض فيما لم يحيطوا به علما مما أخبر الله تعالى عنه من الغيب، فكما أنهم لم يكونوا يحيطون بذات الله علما، يكونوا يحيطون بصفاته علما؛ إذ الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات إلا أن صفاته كانت دليل المعرفة به، ولا تصلح أن تكون كذلك وهي من المتشابه الذي ليس للعباد أن يعلموا حقيقته، وإنما كانت معلومة المعاني عندهم مجهولة الكيف، كما أن ذاته تعالى معلومة عندهم بصفاته، مجهولة الكيف، وهذا معنى إمرار الصفات كما جاءت.
انظر: "الرسالة في اعتقاد أهل السنة " ص ٤.