للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي حديث أم فضل بنت الحارث عند مسلم (١) أن آخرصلاة صلاها النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالناس في مرض موته المغرب، قرأ فيها بالمرسلات، وقد كان من شأنه تخفيف المغرب، فحالة المرض يقتضي زيادة التخفيف، وكانت الصلاة بالمرسلات تخفيف التخفيف من معلم الشرائع، والله تعالى يقول: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (٢).

والنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يقول: " صلوا كما رأيتموني أصلي" (٣) والآن صار الناس يتضررون من الصلاة بما ندب إليه الشارع معاذا (٤) من التخفيف، وليس ذلك منهم عن علم، بل كأنهم جهلوا أن المفضل من قاف، وأن المرسلات من أوسطه، والشمس [١أ] من قصاره، فرغبوا عن ذلك، وصار الاختصار هو الغالب، والعلماء هم الذين أخذا الله عليهم الميثاق، والذي [ ... ] (٥) أن ذلك ليس من التخفيف الشرعي، وإن كان فيه تخفيف في الصورة، ولكنه سرق للصلاة. ومع هذا فربما صلى الرجل ووقف


(١) رقم (١٧٣) قلت وأخرجه البخاري رقم (٧٦٣).
عن ابن عباس قال: إن أم الفضل بنت الحارس سمعته وهو يقرأ: (وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا) فقالت: يابني لقد ذكرتني بقراءتك هذه السورة، إنها لآخر ما سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقرأ بها في المغرب.
(٢) [الأحزاب: ٢١].
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٦٣١) ومسلم رقم (٢٤) من حديث مالك بن الحويرث.
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٦١٠٦) ومسلم في صحيحه رقم (٤٦٥) عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: كان معاذا يصلي مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم يأتي فيؤم قومه. فصلى ليلة مه النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - العشاء، ثم أتى قومه فأمهم فافتتح بسورة البقرة، فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده وانصرف. فقالوا له: أنافقت يا فلان؟ قال: لاوالله، ولآتين رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلأخبرنه فأتى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يارسول الله إن أصحاب نواضح، نعمل بالنهار وإن معاذ صلى معك العشاء، ثم أتى فافتتح بسورة البقرة، فأقبل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على معاذ فقال: "يا معاذ، أفتان أنت؟ اقرأ: والشمس وضحاها، والضحى والليل إذا يغشى،، سبح اسم ربك الأعلى".
(٥) كلمة غير واضحة في المخطوط.