للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأن قلت: قد عرفنا ما ذكرته من هذه الفوائد، فكيف الجمع بين الروايات المختلفة كما وقع في صفة الإدارة، وفي اختلاف عدد الركعات، واختلاف صفاتها؟ قلت: أما ما وقع في صفة الإدارة فيمكن، الجمع بأن ذلك وقع كله في تلك الليلة، لأنه يمكن أن يضع يده على رأسه، ثم يأخذ بذؤابته، ثم بأذنه، ثم بيده. وأما اختلاف عدد الركعات وصفاتها فإذا أمكن الجمع بتعدد الواقعة فهو أولى من الترجيح، وغير ممتنع أن يبيت ابن عباس عند خالته ليالي متعددة، ويصلي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بتلك اليالي صلوات مختلفة.

وأما إذا تعذر الجمع بتعدد (١) الواقعة، وذلك بأن يثبت من طريق صحيحة أنه لم يبيت عندها إلا تلك الليلة فقط، فالواجب في مثل عدد الركعات الإحدى الزيادة، وفي صفاتها تقديم الراجح من الروايات من المرجوح. وفي هذا المقدار كفاية.

والله ولي التوفيق. تمت.


(١) قال الحافظ في "الفتح" (٢): والحاصل أن قصة مبيت ابن عباس يغلب على الظن عدم تعددها فلهذا ينبغي الاعتناء بالجمع بين مختلف الروايات فيها، ولا شك أن الأخذ بمكا اتفق عليه الأكثر والأحفظ أولى مما خلافهم فيه من هو دونهم ولا سيما أن زاد أو نقص، والمحقق من عدد صلاته في تلك الليلة إحدى عشرة، وأما رواية ثلاثة عشرة فيحتمل منها ستة العشاء.
وجمع الكراماني بين ما اختلف من روايات قصة ابن عباس هذه باحتمال أن يكون بعض رواته ذكر القدر الذي اقتد ابن عباس به فيه وفصله عما لم يقتد به فيه، وبعضهم ذكر الجميع مجملا.