فإن الإمام المهدي يقول بموجب هذا الكلام، ويعتف بأن المجمع على منعه هو غير ماجوزوه، إذا لو كان المجمع على منعه هو ما جوزوه لكان الإجماع على منع ما جوزوه كافيا للإمام المهدي في الرد عليهم مغنيا له عن قوله: ولا دليل على ما زاد على القامة. فالحاصل أن تعليل الاعتراض عليه بذلك لا يتم بعد صدور الاحتجاج على من جوز فوق القامة، فإنه ممنوع بلإجماع، وهو لم يحتج عليهم بذلك، إنما احتج عليه بعدم الدليل فيما دون البعد المفرط، وبالإجماع على المنع في المفرط، ولم يقل قائل بجواز البعد المفرط؛ إذا لو قال به قائل لم يكن ثم إجماع [٥ب] إن كان القائل من أهل عصر المجمعين، وإن كان بعد عصرهم كان مخالفا للإجماع، لكونه قائلا بجواز ما منع الإجماع، فينظر في ضوء النهار إن كان لفظه هو اللفظ الذي نقلناه عنه سابقا كما رأيناه في النسخة التي حضرت وقت تحرير البحث.
نعم، يمكن مناقشة الإمام المهدي في قوله (١): ولا دليل على ما زاد على القامة فيكون مفسدا بأن يقال: الأصل الجواز، وعدم الفساد كما أشار إليه الجلال، فلا يحتاج القائل به إلى دليل، بل هو قائم مقام المنع، متمسك بالبراءة الأصلية. والدليل على مدعي عدم الجواز والفساد. ولعله يقول: إن الأصل تساوي الإمام والمؤتم في الموقف، من دون ارتفاع، ولا انخفاض، ولا حائل، ولا بعد. وقد نقل عن هذا الأصل الإجماع الدال على جواز قدر القامة كما سبق، فيكون ما زاد عليه باقيا على أصل المنع، فالدليل على مدعي جوازه هذا غاية ما يمكن في تقريره كلامه، ويمكن أن يقلب عليه هذا الاستدلال فيقال: الأصل جواز الائتمام بالإمام على صفة، وفي كل حال، ومن ادعى التقييد بالتساوي في الموقف فهو مدع لتقييد الاقتداء بحالة خاصة، ووضع معين فعليه الدليل من غير فرق بين قد القامة وفوقه، وها نحن نذكر الأن ما يمكن الاستدلال به على كثير من التفاصيل المتقدمة في تلك المذاهب نافيا وإثباتا، ثم بذكر ما تقضيه القواعد