للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأحاديث السابقة بكونه في الصحيحين (١)، وفي الكل عند نظر، لأن الترجيح على فرض التعارض، ولا تعارض لوجوه:

الوجه الأول:

أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قد علل ذلك [٦ب] بالتعليم، فغايته أنه يجوز الارتفاع لمن أراد تعليم المؤتمين (٢).

الوجه الثاني:

أنه مجرد فعل، وهو لا ينتهض لمعارضة القول.

الوجه الثالث:

أنه قد تقرر في الأصول أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إذا أمرنا بشيء، أو نهانا عن شيء، وفعل ما يخالف أمره نهيه، فإن ظهر في الفعل دليل التأسي (٣) به كان ناسخا على فرض تأخره عن الأمر والنهي، وإن لم يظهر دليل التأسي، فإن كان الأمر والنهي شاملين له كان الفعل مختصا به، غير معارض للأمر أو النهي، أو سائر الأقوال، ولم يظهر في هذا الفعل دليل التأسي به، فلا يكون ناسخا، وعلى فرض أن قوله: إنما فعلت إيرادت التعليم فغايته الاختصاص بتلك الحالة كما قدمناه

الوجه الرابع:

أنه لم ينقل إلينا تأخر صلاته على المنبر، حتى يكون الكلام فيه كما قاله القائل، بل ما وقع من الصحابة بعد موته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يدل على أن المتأخر هو النهي، فتكرر بمجموع ما ذكرناه أنه لا معارضة بين النهي عن ارتفاع الإمام، وبين فعله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - على جميع التقادير. فالظاهر أن ارتفاع الإمام لغير


(١) رضي- تقدم تخريجه.
(٢) انظر "فتح الباري" (١).
(٣) انظر تفصيل ذلك في "الكوكب المنير" (٢ - ٢٠٩). " تيسير التحرير" (٣).