للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قصد التعليم ممنوع (١)، ومن ادعى جوازه فعليه الدليل (٢) من غير فرق بين القليل والكثير. وأما ارتفاع المؤتم فلم يأت ما يدل على منعه فيكون الأصل معا من قال بجوازه من غير فرق بين القامة ودونها وفوقها، والمسجد وغيره. ومن زعم خواز قدر معين دون ما زاد عليه فعليه الدليل. ويؤيد هذا الجواز ما تقدم من فعل أبي هريرة، وأنس بمحضر الصحابة من دون إنكار.

وما ذكرنا من عدم جواز ارتفاع الإمام (٣) يستلزم عدم جواز انخفاض المؤتم، لأن انخفاضه لا يكون إلا إذا كان الإمام مرتفعا [٧أ]، وإلا لم يسم انخفاضا، وكذلك ما ذكرناه من جواز ارتفاع المؤتم يستلزم جواز انخفاض الإمام، لأن ارتفاع المؤتم لا يكون إلا إذا كان الإمام منخفضا، وإلا لا يسم ارتفاعا وقد دخل تحت هذا الدليل عدة مسائل مما تقد، وهي ارتفاع الإمام في المسجد، وارتفاعه في غير المسجد قدر القامة ودونها وفوقها، ونخفاضه في المسجد، وانخفاضه في غير المسجد قدر القامة ودونها وفوقها، وارتفاع المؤتم وانخفاضه كذلك. وأما البعد من الإمام عن المؤتم والعكس، وهما متلازمان؛ لأن بعد احدهما من الآخر يستلزم بعد الأخر عنه. وقد قدمنا أن الحائل هو بعد تقيضه بما سلف داخل تحت البعد. فاعلم أن الأصل الجواز لما قدمنا، من غير فرق بين قدر القامة ودونها وفوقها، وفي المسجد وخارجه، ومن زعم التقييد بمقدار معين أو بمكان معين فعليه الدليل، ولم يأت دليل يدل على تقييد ذلك بشيء.

وأما ما تقدم من حكاية الإجماع على منع البعد المفرط فذلك إنما هو حيث لا يدرك


(١) انظر "الفتح" (١) وقد تقدم. "صحيح مسلم شرح النووي" (٥ - ٣٤) وقد تقدم.
(٢) قال الشوكاني في "السيل" (١): لا يضر قدر القامة ولا فوقها لا في المسجد ولا غيره من غير فرق بين الارتفاع والا نخفاض والبعد والحائل. ومن زعم أن شيئا من ذلك تفسد به الصلاة. وانظر: "المحلي" (٤).
(٣) أنظر" المغني" (٣).