للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المؤتم أفعال الإمام كما تقد عن عطاء، والمنصور. ولا ريب أن من كان من البعد بحيث لا يدرك أفعال إمامه (١)، ولا ينقلها إليه ناقل لا يتمكن من الائتمام والاقتداء بالإمام، فلا يتم صلاة الجماعة لذلك، وما دون هذا البعد، وهو حيث يكون مع بعده يدرك أفعال إمامه ويمكنه الاقتداء به، فلا وجه لمنعه ومن يزعم المنع في صورة من الصور لم يقبل منه ذلك، إلا بدليا وكما أنه لا وجه لقول من قال بالفرق بين المسجد وغيره لا وجه أيضًا لقول الشافعي في التقدير بثاثمائة زراع (٢)، فإن ذلك إنما نشأ من ظنه أن ذهاب الطائفة الأولى [٧ب] مصلية في صلاة الخوف (٣) لقصد الحارسة على النبل،


(١) انظر "المجموع" (٣).
(٢) انظر"المغني" (٣).
(٣) قال النووي في "المجموع " (٣): وقدر الشافعي بثلا ثمائة زراع لأنه قريب في العادة، هذا اختيار منه للصحيح.
وقول الجمهور أن هذا التقدير مأخوذ من العرف لأن من صلاة الخوف.؟
قال بن تيميه في " مجموع" (٢٣): وأما صلاة المأموم خلف الإمام: خارج المسجد أو في المسجد وبينهما حائل فإن كانت الصفوف متصله جاز باتفاق الائمة.
وإن كان بينهما طريق، أو نهر تجري فيه السفن، ففيه قولان معروفان، هما روايتان عن أحمد: أحدهما: المنع كا قول أبي حنيفة. الثاني: الجواز كا قول الشافعي. وأما إذا كان بينهما حائل يمنع الرؤيه، والاستطراق، ففيها عدة أقوال في مذهب أحمد وغيره. قيل يجوز، وقيل: لا يجوز، وقيل: يجوز في المسجد دون غيره، وقيل: يجوز مع الحاجة. ولا يجوز بدون الحاجة.
ولا ريب أن ذلك جائز مع الحاجة مطلقا: مثل أن تكون أبواب المسجد مغلقة، أو تكون المقصورة التي فيه الإمام مغلقة أو نحو ذلك.
وقال النووي في "المجموع" (٤):
١ - يشترط أن لا تطول المسافة بين الإمام والمأمومين إذا صلوا في غير المسجد، وبه قال جماهير العلماء.
٢ - لو حال بينهما طريق صح الاقتداء عندنا وعند مالك والأكثرين.
٣ - لو صلى في دار أو نحوها بصلاة الإمام في المسجد وحال بينهمها حائل لم يصح عندنا وبه قال أحمد. ٤ - يشترط لصحة الاقتداء علم المأموم بانتقالات الإمام، سواء صليا في المسجد أو في غيره أو أحدهما فيه والآخر في غيره وهذا مجمع عليه.
* قال ابن حزم في" المحلي" (٤): وجائز للإمام أن يصلي في ما كان ارفع من مكان جميع المأمومين وفي أخفض منه، سواء في كل ذلك العامة والأكثر والأقل فإن أمكنه السجود فحسب وإلا فإذا أراد السجود فلينزل حتي يسجد حيث يقدر، ثم يرجع إلى مكانه.
* وقال الشوكاني في "السيل" (١) في هذا الحديث - حديث النهي تقدم تخريجه - دليل على منع الإمام من الارتفاع عن المؤتم، ولكن هذا النهي يحمل على التنزيه لحديث صلاته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على المنبي كما في الصحيحين وغيرهما - تقدم - ومن قال إنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعل حال لتعليم كما وقع في آخر الحديث فلا يفيده ذلك لأنه لا يجوز له في حال التعليم إلا ما هو جائز في غيره ولا يصح القول باختصاص ذلك بالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وانظر: "فتح الباري" (١). و"إكمال المعلم بفوائد مسلم" (٢).