للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وآله الأكرامين وصحبه وسلم.

اعلم أن ما سأل عنه السائل من صدور ما يصدر عن بعض المبتدعين (١) من تفريق جماعة المسلمين في المساجد التي تقام فيها جماعة كبرى مع إمام يؤم بهم، فيأتي بعض من لا رغبة في تكاثر الثواب، وتعاظم الأجر، فيعمل هو وواحد أو اثنين أو أكثر إلى جانب المساجد فيجتمعون، فلذا من عمل الآخرة إلى إشغال الدنيا، أو تثاقلا لطاعة، وزهدا في الأجر لعظيم، ورغوبا عن هدى النبوة، وما استمر عليه العمل في أيام الرسالة، وأيام الخلفاء الراشدين. والحاصل أن مثل هذا لا يحل من وجوه:

الأول: أنه لم يسمح في أيام النبوة أن رجلا ترك الجماعة الكبرى في المسجد الذي تقام فيه، وبادر بجماعة قبل قيام الجماعة الكبرى، ولا يمكن أحد أن يمكر ذلك البتة.

الوجه الثاني: أنه قد صحة الأدلة كتابا وسنتة في النهي عن التفريق على العموم (٢)


(١) قيل أن أول ظهور تعدد الجماعات في المسجد الواحد كان في القرن السادس الهجري ولم بكن في القرون التي قبله.
انظر: "فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك " لشيخ عليش المصري (١ - ٩٤) ط: ١٣٧٨ ه.
(٢) (منها): قوله تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام: ١٥٣].
(ومنها): قوله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) [آل عمران: ١٠٣].
(ومنها): قوله تعالى: (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) [الشورى: ١٣].
وأخرج مسلم في صحيحه رقم (٦٠) من حديث عرفجه الأشجعي قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "من أتاكم وأمركم جميع على رجلا واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه ".