وغيرهما. ولا شك ولا ريب أن هذا الاعتذال عن الجماعة الكبرى قبل قيامها له مدخل في التأثير في اختلاف القلوب، وإغار الصدور، والمواحشة بين المسلمين زيادة على ما في تلك المخالفة المذكورة في الحديث.
الوجه الثاني عشر: أنه قد ثبت عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: "أنه نهى الذي ركع قبل أن يصل في الصف، وقال له: زادك الله حرصا ولا تعد (١) ووجه ذلك ما فيه نوع من التخالف الذي ثبت النهي عنه. ولا شك أن الانفراد بجماعة مستقلة قبل قيام الجماعة الكبرى في ذلك المسجد فيه من الختلاف التفريق ما لا يشك فيه ومن المواحشة بين جماعة المسلمين، وتكدير خواطرهم، وتنكيد صدورهم ما لا يخفي على الفطن. والحاصل أن جمع القلوب، والتأليف بين المسلمين وقطع ذرائع التفريق، والتخالف مقصد من مقاصد الشرع عظيم، وأصل من أصول هذا الدين كبير. يعرف ذلك من يعرف ما كان عليه الهدي النبوي، وما تطابقت عليه أدلة القرآن والسنة، فقد كان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لا يرى مدخلا من مداخل الاختلاف، ولا بابا من الابواب الموصلة غل التفريق، والتخالف إلا قطع ذريعته وهتك وسيلته، وسد ".
(١) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٧٨٣) وابو داود في "السنن" (٦٨٤) عن أبي بكرة رضي الله عنه انه انتهى إلى النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو راكع فركع قبل أن يصل على الصف فقال له النبي زادك الله حرصا ولا تعد".