للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بابه، وردم مدخله. لا يشك في هذا شاك، ولا يمتري في ممتر حتى كان ذلك ديدنه وهجيراه في جميع شؤونه. انظر وصح عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - من أنه خرج على أصحابه - رضي الله عنهم - وهم يختلفون في القرآن فقال: " اقرؤا في كل حسن " (١) وأرشدهم في موطن أخر أنهم يقرؤون ما دامت قلبوهم مؤتلفة غير مختلفة (٢)

وبالجملة لو تعرضنا لجميع الأدلة الدالة على أن الاختلاف من أعظم المنكرات في جميع الحالات، وعلى كل التقديرات لطال زيل هذا الجواب إلى غاية، وبعد الوصول فيه إلى نهاية، ولكن اقتصرنا ها هنا على ما ذكر وما ورد من قطع ذرائع الاختلاف في خصوص الصلاة.

الوجه الثالث عشر: ما ثبت عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: "أنه خرج على أصحابه فرآهم حلقا متفرقين فقال: ما لي أراكم عزين (٣) "أي متفرقين مستخلفين بكثر الراء وتخفيفها جمع عزة هي الجماعة المتفرقة. أخرجه مسلم (٤) وأحمد (٥)


(١) أخرج البخاري في صحيحه رقم (٥٠٦٢) عن عبد الله أنه سمع رجلا يقرأ آية، سمع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خلافها فأخذت بيده، فانطلقت به إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: " كلا كما محسن فاقرآ " أكبر علمي قال: " فإن من كان قبلكم اختلفوا فأهلكهم ".
(٢) أخرج البخاري في صحيحه رقم (٥٠٦٠) وأطرفه رقم (٥٠٦١، ٧٣٦٤، ٧٣٦٥) ومسلم رقم (٢٦٦٧). عن جندب بن عبد الله عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: " اقرؤا القرآن ما ائتلفت قلبوكم فإذا اختلفتم فقوموا عنه ".
(٣) (عزين) جمع عزة، وهي الحركة المجتمعة من الناس، وأصلها عزوة فحذفت الواو وجمعت جمع السلامة على غير قياس، كتبين وبرين في جمع تبة وبرة. "النهاية " (٣).
(٤) في صحيحه رقم (١١٩).
(٥) في "المسند" (٥).