للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشريعة. على أنه لم يعمل به أحد من علماء الشريعة كما حكاه الترمذي في آخر سننه (١) فقال: إن صيغ ما في كتابه معمول به إلا حديثين فيه أحدهما (٢). وقال الإمام المهدي في البحر (٣) مثله ويحرم الجمع لغير عذر قيل إجماعا (٤)


(١) (٥/ ٧٣٦كتاب العلل رقم ٥١).
(٢) غير واضح في المخطوط. وإليك نص كلام الترمذي " جميع ما في هذا الكتاب من هذا الحديث فهو معمول به، وقد أخذ به بعض أهل العلم ما خلا حديثين: حديث ابن عباس أن النبي وإليك نص كلام الترمذي " جميع ما في هذا الكتاب من هذا الحديث فهو معمول به، وقد أخذ به بعض أهل العلم ما خلا حديثين: حديث ابن عباس أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جمع بين الظهر والعصر بالمدينة، والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر ولا مطر، وحديث النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " إذا شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد الرابعة فاقتلوه " وقد بينا علة الحديثين جميعا في الكتاب.
(٣) (١/ ١٦٩).
(٤) انظر " البحر الزخار " (١/ ١٦٩).
فائدة: قال القرطبي في " المفهم " (٢/ ٣٤٣): الجمع: إنما هو إخراج إحدى الصلاتين المشتركتين عن وقت جوازها، وإيقاعها في وقت الأخرى مضمومة إليها. وهو إنما يكون في الصلوات المشتركة الأوقات، وهي الظهر، والعصر والمغرب والعشاء، ولا يكون في غيرها بالإجماع. ثم الجمع متفق عليه، ومختلف فيه. فالأول: هو الجمع بعرفة والمزدلفة. والمختلف فيه: هو الجمع في السفر والمطر، والمرض. فأما الجمع فإليه ذهب جماعة السلف وفقهاء المحدثين، والشافعي وهو مشهور مذهب مالك، وهل ذلك لمجرد السفر؟ أو لا بد معه من جد السير قولان: بالأول: قال جمهور السلف، وعلماء الحجاز وفقهاء المحدثين، وأهل الظاهر. وبالثاني: قال مالك والليث، والثوري والأوزعي وأبي حنيفة وحده الجمع للمسافر وكرهه الحسن وابن سيرين، وروي عن مالك كراهيته وروى عنه، أنه كرهه للرجال دون النساء وأحاديث ابن عمر، وأنس ومعاذ - تقدم ذكرها - وهي حجة على أبي حنيفة لكن أبو حنيفة تأولها على أن الصلاة الأولى وقعت في آخر وقتها، والثانية وقعت في أول وقتها، وهذا يجوز باتفاق. وقد جاء في حديث معاذ في كتاب أبي داود أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر فيصليهما جميعا، وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعا، ثم سار، وكان إذا ارتحل قبل المغرب أخر المغرب حتى يصليها مع العشاء. وإذا ارتحل بعد المغرب عجل العشاء فصلاها مع المغرب وهذا حجة ظاهرة للجمهور في الرد على أبي حنيفة. وأما الجمع لعذر المطر: فقال به مالك والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وجمهور السلف: بين المغرب العشاء، وأما بين الظهر والعصر: فقال بالجمع بينهما في المطر الوابل الشافعي، وأبو ثور، والطبري، وأبو حنيفة، وأصحابه وأهل الظاهر. ولليث، من الجمع في صلاتي الليل والنهار. وأما الجمع لعذر المرض فقال به مالك. إذ خاف الإغماء على عقله، وأبي نافع الجمع لذلك، وقال لا يجمع قبل الوقت، فمن أغمي عليه حتى ذهب وقته لم يجب عليه قضاؤه ومنعه أيضًا أشهب، والشافعي. قال الشوكاني في " السيل الجرار " (١/ ١٨٥): " ولقد ابتلي زمننا هذا من بين الأزمنة وديارنا هذه من بين ديار الأرض بقوم جهلوا الشرع، شاركوا في بفض فروع الفقه، فوسعوا دائرة الأوقات، وسوغوا للعامة أن يصلوا في غير أوقات الصلاة، فظنوا أن فعل الصلاة في غير أوقاتها شعبة من شعب التشيع وخصلة من خصال المحبة لأهل البيت فضلوا وأضلوا. وأهل البيت - رحمهم الله براء من هذه المقالة مصونون عن القول بشيء منها ولقد صارت الجماعات الآن تقام في جوامع صنعاء للعصر بعد الفراغ من صلاة الظهر والعشاء في وقت المغرب وصار غالب العوام لا يصلي الظهر والعصر إلا عند اصفرار الشمس، فيا لله وللمسلمين من هذه الفواقر في الدين ". اهـ