للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بسم الله الرحمن الرحيم] (١)

الحمد لله [وحده فإنه] (٢) ورد إلي سؤال في شهر القعدة سنة ١٢٠٧ [سبع ومائتين وألف] (٣) حاصله هل تجوز قراءة كتب الحديث الأمهات في المساجد، مع استماع العوام الذين لا فطنة لهم، ثم أطال السائل الكلام، وذكر ما يلزم من ذلك من اعتقاد العوام للظواهر، وما تدل عليه أحاديث الصفات، والتمسك بالأحاديث الضعيفة.

ثم وسع الكلام وشنع بشع على من فعل ذلك، ولعله يشير إلى المسؤول (٤) - غفر الله له - فإني كنت في هذه الأيام أملي في صحيح البخاري، وسنن أبي داود، وفي الجامع المقدس، ويجضر القراءة جماعة من العلماء، ويحضر للاستماع جماعة من العامة. فأجبت ما حاصله، الجواب عن هذا السؤال يستدعي بسطا طويلا، لأنه يتشعب الكلام فيه شعب كثيرة لا نفي بها إلا نعي بها إلا رسالة مستقلة، ولكني هاهنا أقتصر على ذكر أبحاث تتسع لها بياضة السؤال فأقول: اعلم أن التدريس في كتب السنة (٥) المطهرة في جوامع المسلمين ما زال مستحسنا عند جميع أهل الإسلام، منذ زمن الصحابة إلى الزمن الذي نحن فيه، معدودا باتفاقهم من أعظم أنواع القرب (٦)، وأعلى مراتب التعليم والتعلم.


(١) زيادة من (أ).
(٢) زيادة من (أ).
(٣) زيادة من (أ).
(٤) أي الشوكاني رحمه الله.
(٥) إن مجالس إملاء الحديث منذ بدء تدوين الحديث النبوي، كانت تعقد له المجالس فالصحابة رضوان الله عليهم كانوا يملون الحديث على الناس وهم يكتبونها بين أيديهم، وفي التابعين وأتباعهم جماعة كانوا يعقدون مجالس الإملاء.
وعن يحيى بن أبي طالب. سمعت يزيد بن هارون في المجلس ببغداد وكان يقال: إن في المجلس سبعين ألفا. أخرجه السمعاني في " أدب الإملاء والاستملاء " (١ رقم ٤٤).
وأنظر: " أدب الإملاء ولاستملاء " للسمعاني (١/ ١٥٠ - ١٦١)، وانظر: " تذكرة السامع والمتكلم " لابن جماعة (ص ١٤٢ - ١٤٣).
(٦) قال السيوطي في" تدريب الراوي " (١/ ٤٥): " فإن علم الحديث أفضل القرب إلى رب العالمين، وكيف لا يكون وهو بيان طريق خير الخلق وأكرم الأولين والآخرين " ا هـ.