للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وبه نستعين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين، وآله الطاهرين، ورضي الله عن صحبة الأكرمين، وبعد:

فإنه وقف الحقير محمد بن علي الشوكاني - غفر الله ذنوبه، وستر عيوبه - على بحث لبعض الأعلام المبرزين في من أدرك ركعة من الجمعة، ولم يدرك الخطبة فأطال في ذلك وأطاب؛ ولكنه طلب مني بعض المستفيدين أن أحرر في هذه المسألة ما يظهر لي، وأوضح ما لدي، فأقول: حاصل ما يتعلق بهذه المسألة ينحصر في مقدمة وعشرة مقاصد.

أما المقدمة:

فاعلم أنه يقع كثيرا في كتب الاستدلال الإهمال للمسالك المعتبرة عند أهل العلم من كون من يدعي كون كذا شرطا (١) لكذا، أو فرضا فيه، أو ركنا له (٢)، ونحو ذلك، هو الذي يطلب منه الدليل على إثبات تلك الدعوى، فإن جاء به خالصا عن شوب كدر النقص والمعارضة ونحوهما كانت دعواه صحيحة، وإن لم ينهض بذلك على الوجه المعتبر فالحق بيد المانع ولا يطالب بدليل، بل قيامه في مقام المنع، وثبوته في مركز الدفع يكفيه هذا إذا كان البحث بحث اجتهاد واستدلال، كما هو المفروض فيما نحن بصدده. وأما إذا كان البحث تقليد ونقل فليس على الناقل إلا تصحيح النقل، وهذه الجملة معلومة عند علماء هذا الفن، لا يختلفون في شيء من تفاصليها. فإذا رأيت من هو قائم في مقام المنع، وقد خاطبه المناظر به بالدليل، أو من كان مدعيا وقد تبرع له المانع بالدليل الذي ليس بسند للمنع فاعلم أن ذلك غلط في البحث، وخلط في المناظرة، فإن قيام المدعي في مقام المانع أو المانع في مقام المدعي لا يكون إلا لأحد أمرين:

إما عدم الخبرة بكيفية المناظرة، أو لقصد المغالطة والترويج للشبهة.


(١) سيأتي تعريفه.
(٢) سيأتي تعريفه.