للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي وقع التعبد به، فذلك كالصلاة التي هي ناقصة ركعة أو ركوعا، أو سجدة، فإن التعبد بالصلاة إنما ورد بصورة مخصوصة؛ فإذا كانت ناقصة نقصانا يخرج به عن الهيئة المطلوبة من الشارع، وهو النقصان الذاتي، فمن فعلها على تلك الصورة الناقصة لم يفعل الصورة التي طلبها منه الشارع.

فإذا ادعى صحتها فعليه الدليل، ويكفي المانع للصحة أن يقوم في مركز المنع حتى يأتي مدعي الصحة بما ينقله عن مقام المنع، ولا ينقله عن ذلك إلا دليل صحيح يدل على أن تلك الصورة الناقصة صحيحة، مجزية، مسقطة للقضاء، هذا إذا كان قد اتفق المتناظران على أن ذلك الشيء الذي تركه المكلف هو ركن من أركان الصورة التي وقع التكليف بها، وأنها بدونه ناقصة نقصانا ذاتيا؛ أما إذا لم يتفقا، بل قال أحدهما: إن هذ الشيء الذي تركه المكلف ليس بجزء من أجزاء الصورة المطلوبة، أو أنه لا يوجب نقصانا في تلك الصورة فالدليل على مدعي الجزئية، وكون ذلك الجزء يوجب نقصا في الصورة المطلوبة من الشارع؛ ويكفي المانع قيامه في مقام المنع، حتى يبرهن المدعي على دعواه. فإذا برهن عليها برهانا مقبولا لم يقبل بعد ذلك المنع المجرد من المناظر له، بل قد ثبت بالبرهان أن ذلك الشيء ركن لتلك الصورة المطلوبة.

فمن ادعى أنها مقبولة بدونه فعليه البرهان، إن جاء به فذاك، وإلا كان عليه أن يسلم بأنها غير مقبولة ولا مجزئة. إذا تقرر لك ما يكون به الشرط شرطا، وما يكون به الركن ركنا، وما هو الدليل الذي يصلح لإثبات ذلك، عرفت أن المقتضي للبطلان ما وقع التكليف به هو إما عدم شرطه، أو عدم شطره، لا عدم ما هو واجب من واجباته التي ليست بشرط ولا شطر. فمن استدل مثلا بالأمر بشيء على كون ذلك الشيء شرطا يستلزم عدمه عدم المشروط فقد غلط غلطا بينا، بل عامة ما يفيده الأمر هو كون ذلك المأمور به واجبا يمدح فاعله [٢ب] ويذم تاركه. وهو لا يدل على استلزام عدمه لعدم ما هو واجب فيه، لا بمطابقة، ولا تضمن، ولا التزام. وإذا كان الأمر الصريح المفيد للوجوب بقاء على معناه الحقيقي، لعدم وجود ما يصرفه لا يفيد البطلان، فبالأولى عدم