للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جرى هذا المجرى، فكيف يقال في مثل ما نحن بصدده من صلاة الجمعة أنه لا مجال للاجتهاد فيه. فإن كان الجزم منه بعدم احتماله للاجتهاد صادرا عن دليل فما هو؟ وإن كان لا جزم منه بل مجرد احتمال فنحن نمنع هذا الاحتمال، على أنه لو سلم الاحتمال لكان جوابنا عليه بما قاله هاهنا، من أن الاحتمال لا يدفع الظهور. [المقصد العاشر]

قد ترك - كثر الله فوائده - العمل بالأحاديث المروية فيمن أدرك ركعة من الجمعة مع كون بعضها قد صححه بعض الأئمة المعتبرين (١)، وبعضها قد حسنه بعضهم وبعضها فيه مقال، ولو فرض أنه لا صحيح فيها ولا حسن لكانت بمجموعها مع كثرة طرقها، وتباين مخارجها من الحسن لغيره، وهو معمول به، فما باله - عافاه الله - عدل عن هذه الروايات المرفوعة إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى ما رواه عن أولئك الصحابة رضي الله عنهم مع كون في طرق تلك الروايات عن الصحابة من المقال [٥ب] ما هو أشد مما قيل في طرق هذه الأحاديث المرفوعة (٢).

فليت شعري كيف وقع له هذا مع إنصافه وطول باع عرفانه، وما الموجب لهذا عليه، مع كون قول الصحابي ليس بحجة عنده، ما لم يكن إجماعا لهم على خلاف فيه، فلقد طال تعجبي من ذاك. وكيف أبعد النجعة هذا الإبعاد، وسافر إلى دعوى الإجمال في الآية الكريمة، ثم لم يكفه ذلك حتى زعم أنه يجب على الأمة العمل بقول صحابي لكونه لا يقول ما قال إلا لعدم وجود دليل لديه، وأنه لا مجال للاجتهاد في ذلك، فله


(١) انظر الرسالة رقم (٨٧).
(٢) انظرها في الرسالة رقم (٨٧).