ومن الناس من قال: لا دليل عليه، وهو قول بعض أصحابنا بعض أصحاب الظاهر، وبعضهم فرق بين العقليات والشرعيات فقالوا: عليه الدليل في نفي العقليات دون الشرعيات. منتهى السول (٣/ ٦٧). وقال الشيرازي: لنا: قوله تعالى: {بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه} [يونس: ٣٩] فذمهم الله تعالى بأن قطعوا بالنفي من غير دليل. ولأن القطع بالنفي لا يكون إلا عن طريق، كما أن القطع في الإثبات لا يكون إلا عن طريق، فلما وجب على المثبت إظهار ما اقتضاه الإثبات عنده وجب على النافي إظهار ما اقتضاه النفي عنده. واحتجوا بأن من أنكر النبوة لا دليل عليه، وإنما يجب الدليل على مدعي النبوة، وذلك من أنكر الحق لا بينة عليه، وإنما البينة على مدعي الحق، فكذلك هاهنا، يجب أن يكون الدليل على من أثبت الحق دون من نفاه. والجواب: أن من ينكر النبوة إذا انقطع بالنفي، وقال: لست بنبي فإنه يجب عليه إقامة الدلالة على نفيه وهو أن يقول: لو كنت نبيا مبعوثا، لكان معك دليل على صدقك، لأن الله تعالى لا يبعث نبيا إلا ومعه ما يدل على صدقه فلم لم أر معك دليلا على أنك لست بنبي فهذا لا دليل عليه، لا، ه لم يقطع بالنفي، بل هو شاك، والشاك لا دليل دل عليه، وفي مسألتنا قطع النفي، فلا يجوز أن يقطع بذلك إلا عن طريق يقتضيه ودليل يوجبه فوجب إظهاره. وأما منكر الحق فإنه يجب عليه إقامة البينة على إنكاره، وهو اليمين فلا نسلم ما ذكروه. وجواب آخر: وهو أنه إن كان المدعي عينا فاليد بينة له، وإن كان دينا فبراءة الذمة بالفعل بينة له، وليس كذلك هاهنا، لأن نفيه لم يتم على نفيه ما يدل على صحته، فلم يصح نفيه. قالوا: لو نفى صلاة سادسة لم يكن عليه دليل فكذلك هاهنا. قلنا: لا بد في نفيها من دليل، وهو أن يقول: إن الله تعالى لا يتعبد الخلق بفرض غلا ويجعل إلى معرفته طريقا من جهة الدليل. فلما لم نجد ما يدل على الوجوب دلنا ذلك على أنه لا واجب هناك فيستدل بعدم الدليل على نفي الوجوب. وانظر اللمع ص ٧٠. البحر المحيط (٦/ ٩). الإبهاج (٣/ ١٨٨). شرح المنهاج للبيضاوي (٢/ ٧٦٦).