للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودليله كما يفعله المقلدون، وإن كان الباعث له في الأمر الأول فما معنى الاعتذار في هذه الرسالة بقوله في البحث الثاني إنه نقلها عن فلان وفلان، وأن الكتاب موجود، إلى آخر ما قاله هنالك، فإن هذا إنما هو صنيع من ليس له إلا الحكاية والتقليد، ولا ريب أنه لا يطلب منه إلا تصحيح النقل ثم إن دليله الذي دعى الناس إليه [١أ] فإن لم يجد في رسالته تلك إلا الكلام على دليل المخالف له، والاقتصار بعد ذلك على رؤية منقطعة، وأخرى ضعيفة، ينتهيان إلى رجلين من الصحابة، ولا حجة في ذلك لأمرين: الأول عدم صحة السند (١) لو كان قائل ذلك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فكيف والقائل له غيره.

الأمر الثاني أنه قد تقرر أن الحجة الشرعية التي ثبتت بها التكاليف العامة والخاصة للعباد لا تكون بقول فرد من أفراد الصحابة ولا الأفراد ما لم يكن ذلك إجماعا (٢)


(١) قال الشوكاني في إرشاد الفحول ص (٢٤٢): من حديث هو ما اتصل إسناده بنقل عدل ضابط من غير شذوذ ولا علة فادحة فما يكن متصلا ليس بصحيح، ولا تقوم به الحجة، ومن ذلك المرسل وهو أن يترك التابعي الواسطة بينه وبين رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويقول: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هذا اصطلاح محور أهل الحديث.
ثم قال ص ٢٤٧: ولا تقوم الحجة بالحديث المنقطع وهو الذي سقط من رواته واحد ممن دون الصحابة، ولا بالمعضل وهو الذي سقط من رواته اثنان، ولا بما سقط من رواته أكثر من اثنين لجواز أن يكون الساقط أو الساقطان أو الساقطون أو بعضهم غير ثقات.
وانظر قواعد التحديث للقاسمي ص ١٣٠.
وقال الشيخ عبد الله سراج الدين في المنظومة البيقونية ص ١٠٠: والمعضل ما سقط من إسناده اثنان فصاعدا بشرط التوالي كقول مالك: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قال ابن عمر، والمعضل أسوأ حالا من المنقطع، وذلك للجهل بحال من حذف من الرواة، وإنما يكون أسوأ حالا من المنقطع إذا كان الانقطاع في موضع واحد، أما إذا كان في موضعين فإنه يساوي المعضل في سوء الحال.
وانظر الكفاية ص ٨١ - ٨٢.
(٢) انظر المستصفى (٢/ ٢٩٤)، البحر المحيط (٤/ ٤٣٦)، الكوكب المنير (٢/ ٢١٠).