والبحث مدون في الأصول، معروف مشهور، فكيف نصب نفسه - كثر الله فوائده - إلى دعاء الناس إلى حال يقوم به حجة على فرد من أفرادهم! وأثبت بما لا يقوم الحجة شرائط لم يأذن الله بها في كتابه، ولا نطق بها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -! فهل هذا شأن المرشدين إلى مسائل الدين من العلماء المجتهدين؟. وإن قال: الباعث له هو الأمر الآخر، فكيف استجاز أن يدعو الناس إلى ما لا يعلم أنه من أقسام الحق، أو من الباطل، وهل هذا صنع الدعاة إلى الله، وإلى شريعته، مع أنه بأبى عليه أن يكون هذا الباعث أمور:
الأول: تكلمه على دليل المخالف، بزيادة على ما تكلم به القاضي زيد ومن معه، كما صرح بذلك، وأوضح مواضع نقله.
الثاني: إيراده لما ظنه دليلا من منقطعات أقوال بعض الصحابة. الثالث: أن هذه الرسالة قد اشتملت على ما لم يكن في شرح القاضي زيد من استدلال، ودفع، وترجيح.
والرابع: أنه عنون رسالته (١) تلك بعنوان، وسماها باسم، فإن كان ناقلا كما قال، فما معنى هذا العنوان، وما مفاد هذه التسمية؟ فإن ذلك يكتفي أن هذه الرسالة مؤلفة له في هذه المسألة، ولو كان المراد مجرد النقل عن القاضيزيد كان يغني عن ذلك أن يقول قال فلان في الكتاب الفلاني ما لفظه كذا، ثم يقول عقيب نقل المراد انتهى بلفظه كما يفعله من يريد النقل عن الغير، وأما إذا الباعث له ليس مجرد الإرشاد [١ب]، بل مجرد يدعي شرطا لشيء أو شطرا له ثم يعنون بحثه بالكلام على دليل المخالف، وبعد التدبر لهذه التقديرات يتضح للناظر في هذه المباحث ما اشتمل عليه البحث الأول من هذه الرسالة التي نحن بصدد الكلام عليها.
(١) أي " إشراق الطلعة في عدم الاعتداد بإدراك ركعة من الجمعة ". الرسالة رقم (٨٧).