للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال - كثر الله فوائده - البحث الثاني: أنها لم تهمل في تلك المسألة المسالك المعتبرة إلخ.

أقول: ظاهر كلامه، بل صريحه أنه لم تهمل المسالك المعتبرة في رسالته، ولا أهملها أحد من المصنفين، وهذه الكلية غريبة جدا من مثله في فضله ونبله، ولكني لا أهمل المسالك المعتبرة فيما أحرره الآن على كلامه هذا في عدم إهماله للمسالك المعتبرة، فأقول: هو - كثر الله فوائده - قد قام هنا في مقام المنع، فإن كلامه هذا في قوة منع الإهمال، والذي يتوجه من جهة مدعي الإهمال هو الاستدلال على وجه الإهمال يف الكل والبعض، لأن كلامه هنا إن كان من عموم السلب فنقضه يتم بوجود الإهمال في فرد من أفراد كتب الاستدلال، أو في رسالته هذه، وإن كان من باب سلب العموم فلا يضرنا ولا ينفعه، لأني لم أقل بثبوت الإهمال من كل أحد، بل قلت: إنه كثيرا ما يقع الإهمال ويكفيه، ويكفينا، ويكفي الناظر في هذه المناظرة أن يمعن النظر في رسالته - عافاه الله - التي سماها " إشراق الطلعة " فإن وجد قد استدل في مقام المنع، ومنع في مقام الاستدلال فذلك هو الذي أردنا الإرشاد لا التنبه له والتحذير من الوقوع فيه، وأما كتب الاستدلال فقد أجادها بتقييد زعمه من عدم الإهمال فيها بما يعلمه، فإن هذا الأمر ظاهر مكشوف لا يخفى على مثله، ولكنه ربما ذهل عند تحرير هذه الأحرف عن ذلك، أو تذاهل لدفع ما ورد على كلامه على أي صفة كان الدفع، وها أنا أقول له، أو للناظر في هذه المناظرة: عليك بكتاب من كتب الفقه التي يتعرض مصنفوها للاستدلال على أي مذهب كان، فأمعن النظر في مقدار كراسة منه، فإن وجت ما ذكرناه فذلك يكفينا مؤنة النقل، وإن لم تجد هذا في غالب [٢أ] تلك المؤلفات فتعال حتى أملي عليك من ذلك ما تطمئن به نفسك، وتقر به عينك. وها نحن نقرب لك المسافة، ونطلعك على الحقيقة.

فنقول: قال - كثر الله فوائده - في أوائل رسالته التي سماها " إشراق الطلعة " (١) ما


(١) الرسالة رقم (٨٧).