(٢) انظر الرد الشوكاني في الرسالة رقم (٨٨). (٣) تقدم تخريجه مرارا. (٤) الجدل في اللغة: اللدد في الخصومة والقدرة عليها جادله فهو جدل ككنف - مجدل - كمنير - ومجدال كمحراب، وجدلت الحبل أجدله جدلا: كفتلته أفتله فتلا أي فتلته فتلا محكما، والجدالة: الأوض. يقال: طعنه فجدله: أي رماه في الأرض - " أساس البلاغة " (١/ ١١١)، " مقاييس اللغة " (١). الجدل في اصطلاح الفقهاء: فتل الخصم أي رده بالكلام (عن قصده) أي ما يقصده من نفي أو إثبات من حكم لطلب صحة قوله أي قول القائل له، (إبطال) قول غيره. انظر: " الفقيه والمتفقه " (١/ ٢٢٩). واعلم أن المناظرة والمجادلة والمحاورة والمناقشة والمباحثة ألفاظ مترادفة وقد توجد بعض الفروق بينها عند علماء البحث، فيرى بعضهم أن الجدل يراد منه إلزام الخصم ومغالبته. والمناظرة تردد الكلام بين شخصين، يقصد كل واحد منهما تصحيح قوله وإبطال قول صاحبه، مع رغبة كل منهما في ظهور الحق والمحاورة هي المراجعة فالكلام ومنه التحاور. انظر: " مناهج الجدل " (ص٢٥)، " الكافية في الجدل " (ص١٩). ومن آداب المناظرة والجدال: ينبغي للمجادل أن يقدم على جداله تقوى الله تعالى لقوله سبحانه: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن: ١٦]. ويخلص النية في جداله، بأن يبتغي به وجه الله تعالى. وليكن قصده في نظره إيضاح الحق وتثبيته دون المغالبة للخصم. أن يبني أمره على النصيحة لدين الله، وللذي يجادله لأنه أخوه في الدين مع أن النصيحة واجبة لجميع المسلمين. وليرغب إلى الله في توفيقه لطلب الحق فإنه تعالى يقول: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت: ٦٩]. ينبغي أن لا يكون معجبا بكلامه، مفتونا بجداله فإن الإعجاب ضد الصواب ومنه تقع العصبية رأس كل بلية. وهناك آداب كثيرة ذكرها الخطيب البغدادي في " الفقيه والمتفقه " (٢/ ٨ - ٦٢). وإليك بعض الآداب المتعلقة بالسؤال والجواب: ينبغي أن يوجز السائل في سؤاله ويحرر كلامه ويقلل ألفاظه ويجمع فيها معاني مسألته، فإن ذلك يدل على حسن معرفته. يلزم المجيب أن يسد بالجواب موضع السؤال، ولا يتعدى مكانه ويجعل المثل كالممثل به، ويختصر في غير تقصير وإن احتاج إلى البيان بالشرح أطال من غير هذر، ولا تكدير، ويقابل باللفظ المعنى حتى لا يكون غير ناقص عن تمامه، ولا فاضل عن جملته. والسؤال على أربعة أضراب: السؤال عن المذهب، بأن يقول السائل: ما تقول في كذا؟ السؤال عن الدليل، بأن يقول السائل، ما دليلك عليه؟ ج - السؤال عن وجه الدليل فيبينه المسئول. د - السؤال على سبيل الاعتراض، والطعن فيه فيجيب المسؤول عنه ويبين بطلان اعتراضه وصحة ما ذكره من وجه دليله. فإن ذلك يختلف باختلاف الدليل: فإن كان دليله من القرآن كان الاعتراض عليه من ثلاثة أوجه: أن ينازعه في كونه محكما، ويدعي أنه منسوخ. أن ينازعه في مقتضى لفظه. ج - أن يعارضه بغيره فيحتاج أن يجيب عنه بما يدل على أنه لا يعارضه، أو يرجح دليله على ما عارضه به. وإن كان دليله من السنة فالاعتراض عليه من خمسة أو جه: أن يطالبه بإسناد حديثه. أن يقدح في إسناده وذلك من وجوه: أن يكون الراوي غير عدل. أن يكون مجهولا. أن يكون الحديث مرسلا. ج - الاعتراض على المتن من وجوه: - أن يكون المتن جوابا عن سؤال، والسؤال مستقل بنفسه فيدعي المخالف قصره على السؤال. - أن يكون الجواب غير مستقل بنفسه ويكون مقصورا على السؤال ويكون السؤال عن فعل خاص يحتمل موضع الخلاف وغيره، فيلزم السائل المسؤول التوقف فيه حتى يقوم الدليل على المراد به. د - الاعتراض الرابع وهو دعوى النسخ. هـ- الاعتراض الخامس وهو معارضة الخبر بخبر غيره. فإن كان دليله الإجماع فإن الاعتراض عليه من ثلاثة أوجه: أن يطالب بظهور القول لكل مجتهد من الصحابة. أن يبين ظهور خلاف بعض الصحابة. أن يعترض على قول المجمعين، إن لم يكونوا صرحوا بالحكم بمثل ما يعترض على لفظ السنة. وإذا كان دليله الذي احتج به القياس، فإن الاعتراض عليه من وجوه: أن يكون مخالفا لنص القرآن، أو نص السنة، أو الإجماع. وإذا كان كذلك فإنه قياس غير صحيح. أن تكون العلة منضوية لما لا يثبت بالقياس. إنكار العلة في الأصل وفي الفرع. أن يعارض النطق بالنطق. وانظر مزيد تفصيل في " الفقيه والمتفقه " (٢/ ٨٠ - ٩٠)، " مناهج الجدا " (ص٥٤، ٥٧)، " الكوكب المنير " (٤/ ٦٣٤ - ٨٣٠).