للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال - كثر الله فوائده -: إن دعوى سقوط القضاء ههنا دعوى مجردة عن الدليل.

قال - كثر الله فوائده -: البحث السادس أن إقامة الصلاة بخطبة لا خلاف في صحتها إلخ.

أقول: مثل هذا الكلام قد استعمله بعض أهل العلم في استدلالاتهم (١)، وهو مدفوع بما هو مبين في مواضعه، وعلى تسليم أن هذا الأمر الذي وقع فيه الخلاف جزءا من أجزاء الصلاة، وليس الأمر كذلك، بل هو محل النزاع، فالاستدلال بهذا الدليل مصادرة، وأيضا يلزم ما قدمنا ذكره من أن الصلاة تبطل بعدم الآذان، أو الإقامة قبلها، أو الأذكار بعدها، لأنه قد وقع الإجماع على أن صلاة من أذن وأقام وجاء بالأذكار المشروعة بعد الصلاة صحيحة، وأيضا قد وجد الدليل ههنا، وهو أحاديث: من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها (٢). وصلاة الجمعة من جملة الصلوات، ويؤيد ذلك الأحاديث الواردة في خصوص صلاة الجمعة بما تفيد هذا المعنى.

وقد أوضحنا هذا في الرسالة الأولى المسماة: " اللمعة " (٣) فأي دليل يفيد ما تفيده هذه الأدلة من اعتداد من أدرك ركعة من صلاة الجمعة بها، وأنه قد أدرك الصلاة بإدراكها. وبالجملة فقد أوضحنا في الرسالة المذكورة ما يقو م الحجة ببعضه فلا نعيده، بل نحيل الناظر في هذا عليها، وعلى الأصل الذي هي جواب عنه، فإنه إذا أخلص النظر


(١) قال الشوكاني في " السيل الجرار " (١/ ٦٠٣): قد ثبت ثبوتا متواترا يفيد القطع بأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما ترك الخطبة في صلاة الجمعة قط.
فالجمعة التي شرعها الله سبحانه هي صلاة الركعتين مع الخطبة قبلها وقد أمر الله سبحانه في كتابه العزيز بالسعي إلى ذكر الله والخطبة من ذكر الله إذا لم تكن هي المرادة بالذكر فالخطبة فريضة.
وأما كونها شرطا من شروط الجمعة فلا.
(٢) تقدم تخريجه وهو حديث صحيح.
(٣) الرسالة رقم (٨٨).