للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد الأمين، وآله الطاهرين، وبعد:

فإنه ورد سؤال من بعض أهل العلم عن الكسوف الواقع ليلة الربوع، لعلها اليوم الثالث عشر من شهر الحجة الحرام، على ما دل عليه كما عدة شوال والقعدة، لأن أول شهر الحجة كان على اعتبار كمال عدة الشهرين الذين قبل يوم الجمعة، فكان على هذا يوم الأضحى يوم الأحد، ووقع الكسوف ليلة رابع عيد الأضحى، وهي ليلة الربوع، فقال هذا السائل ما حاصله: هل يدل هذا الكسوف للقمر على أن أول الشهر يوم الخميس، لأن كسوف القمر لا يكون إلا ليلة رابع عشر في غالب الأحوال، أو ليلة خامس عشر في النادر، وهل تكون هذه الدلالة صحيحة شرعية أم لا؟ وإذا كانت صحيحة فمن نحر أضحيته في يوم ثالث عيد النحر على كمال العدة، وهو اليوم الذي كسفت القمر في الليلة التي بعده، فهل يكون ما نحره في هذا اليوم أضحية، أو يكون شاة لحم؟ هذا حاصل السؤال؟ وفيه طول.

ولما وقفت على هذا السؤال أحبت عنه بما حاصله: اعلم أنه قد ذكر أهل علم الهيئة أن القمر والشمس ينكسفان في أوقات مخصوصة، وجعلوا ذلك أمرا تجريبيا، فقالوا: تنكسف القمر ليلة رابع عشر في الغالب، وليلة خامس عشر في النادر، وتنكسف الشمس يوم ثامن وعشرين في الغالب، ويوم تاسع وعشرين في النادر، وهذا لا يكاد يختلف فيه علماء الهيئة، وهو موجود في المؤلفات الخاصة بهذا العلم. وقد حكى ذلك عنهم من علماء الشريعة في الكتب الفقهية (١)، وفي التفاسير (٢)، وشروح الحديث (٣).


(١) انظر: المغني (٣/ ٢٢٨ - ٢٣٠).
(٢) انظر: " الكشاف " (٣/ ١١٥) (٤/ ٥٠)، " روح المعاني " للألوسي (١١/ ٦٨).
(٣) فتح الباري " (٢/ ٥٢٩).