للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن علماء الشريعة من يحكي ذلك عنهم من دون تنبيه على أنه ليس من علم الشريعة، ومنهم من يحكي ذلك وينبه [١] على أنه ليس من علم الشريعة.

فمن جملة من ذلك الإمام المهدي - عليه السلام - في البحر الزخار. . فقال: مسألة: ولا كسوف في العادة يعني: كسوف الشمس إلا في ثامن أو تاسع وعشرين، ورواية (١) كسوفها يوم مات إبراهيم في العاشر من شهر ربيع الأول محتمل، ولا خسوف يعني: خسوف القمر إلا في رابع أو خامس عشر انتهى.

فهذه الرواية من الإمام - عليه السلام - مطلقة غير منسوبة إلى علماء الهيئة، ولا وقع منه التنبيه على أن ذلك ليس من عمل الشريعة، ولكنه قد تبعه في الرواية صاحب شرح الأثمار (٢)، وبين أن القائل بذلك علماء الهيئة والمنجمون، لا علماء الشريعة، فقال: فائدة: اتفق أهل علم الهيئة والمنجمون على أن الشمس لا تكسف إلا في اليوم الثامن والعشرين (٣) من الشهر في الأغلب، أو في اليوم التاسع والعشرين نادرا، وزعموا بأن ذلك لأجل حيلولة جرم القمر بينها وبين الأرض إذا تزامنتا في مقدار دقيقة، وأن القمر لا تكسف إلا في الليلة رابع عشر في الأغلب، وخامس عشر نادرا.

وعلل بعضهم ذلك بحيلوله الأرض بين الشمس والقمر (٤)، بحيث ينقطع شعاع الشمس عند اتصاله بالقمر، وإنما نوره مستفاد منها انتهى. فانظر كيف نسب هذه


(١) (٢/ ٧٤ - ٧٥).
(٢) لا يزال مخطوط فيما أعلم.
(٣) وانظر البحر الزخار (٢/ ٧٤ - ٧٥).
(٤) ذكره الألوسي في روح المعاني (١١/ ٦٩) نقله عن ابن الهيثم،. ..... ثم قال الألوسي تعقيبا على ذلك ". . لم لا يجوز أن يكون ذلك الاختلاف والخسوف من آثار إرادة الفاعل المختار من دون توسط القرب والبعد من الشمس وحيلولة الأرض بينها وبينه. .. ".
ثم قال بعد ذلك " والحق أنه لا جزم بما يقولونه في ترتيب الأجرام العلوية وما يلتحق بذلك، وأن القول به مما لا يضر بالدين، إلا إذا صادم ما علم مجيئه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.