للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التي هي اللآلئ المروجة، شيخ الإسلام، وقاضي الأنام محمد بن علي أعلى الله شأنه، ورزقه المكانة، وأباح له فضله وإحسانه، وإذا تشرفت هذه الكتابة بمثولها بين يديه، فالتوسل في ستر ما فيها به أعزه الله إليه. ولتعلم أولا أن السائل ممن يرى جواز هذه الوسائل لكنه وقف قديما وحديثا على كلام لبعض الأكابر أوجب تحرير هذه الأحرف، وإبراز ما عنده ولا عند القاصر، ولما كان الأمر على هذه الصفة كان التحرير على طراز لعله يوافق الطائفة المنصفة، وسينجاب عن وجه السؤال غبار الأشكال إن شاء الله. إذا لوحظ من مولاي- حفظه الله- بالأفعال، ويحمد السرى عند الصباح، وتظهر أسارير وجهه عليها تباشير الفلاح، والله تعالى يديم ديم فوائدكم، ويعيد علينا بركات عوائدكم بمنه وفضله.

فنقول: التوسل (١) إلى الله- عز وجل- معناه التقرب إليه والاستشفاع إلى جنابه - جل جلاله- بمن له منزلة لديه، وكرامة من عمل أو شخص. ولا يخفى أن لبعض الأعمال مزايا ومنازل لدى الملك المتعال، كما أن لبعض الأشخاص كذلك بلا إشكال، ومنه حديث الثلاثة (٢) الذين انطبقت عليهم الصخرة فتوسلوا إلى الله بصالح أعمالهم، ففرج الله عنهم، ومنه: كلمتان (٣) خفيفتان [١] حبيبتان إلى الرحمن، فإن وصفها بكونهما حبيبتين مما يشعر بأن الحبيب إلى الله مما يتوسل به إليه لكرمه عليه.

ومن التوسل بالأشخاص حديث الضرير (٤) الذي علمه الرسول- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- صلاة الحاجة، وهو في (الحصن الحصين)، ورمز له للترمذي والنسائي والحاكم في المستدرك: (اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد، نبي الرحمة، يا محمد، إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضى لي، اللهم فشفعه في، قال المحقق


(١) سيأتي تعريفه (ص ٣١٢).
(٢) سيأتي تخريجه (ص ٣١٥).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٦٥٤٤ و٦٥٤٨) ومسلم رقم (٢٨٥٠) من حديث أبي هريرة.
(٤) سيأتي تخريجه (ص٣١٣).