للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثلاثة قد وقعت في تفسير المذابح كما عرفت، وتفسير الحديث بها مناسب لمقصود الشارع، لأن في كل واحد منها معنى يقتضي المخالفة لمقصوده، ويحلق بذلك ما وقع في تفسير المذابح المذكورة في الحديث بالموضع الذي يقعد فيه الملك، ويختص به، فإنه مظنة للزهو والكبر، والعجب، والخيلاء إذا قعد فيه الملك، فكأنه قال: اتقوا المواضع المعدة لقعود الملوك لما في ذلك من المفاسد. فإن قلت: وأي هذه المعاني المناسبة لمقصود الشارع يحمل الحديث عليه؟ قلت: إنما عند من قال من أهل الأصول أنه يجوز حمل المشترك (١) على جميع معانيه المناسبة، وأما عند من منع من استعمال المشترك في جميع معانيه فيجعل [٤ب] الحديث كالمجمل المتردد بينها، كما صرح بذلك جماعة من المحققين، وهذا بعد ثبوت كون كل واحد منهما، معنى حقيقيا، وأما إذا كان بعضها حقيقة وبعضها مجازا فالواجب الحمل على المعنى الحقيقي دون المجاز (٢) بالمصير إلى عموم المجاز هذا، فهذا ما يناسب القواعد الأصولية المقررة في مواضعها. وأما ما يناسب الورع فهو اجتناب جميع هذه


(١) قال صاحب " الكوكب المنير " (٣): يصح إطلاق جمع المشترك على معانيه: ومثناه على معنييه معا لـ إطلاق مفرده على كل معانيه. أما إرادة المتكلم باللفظ المشترك أحد معانيه، أو أحد معنييه فهو جائز قطعا وهو حقيقة لأنه استعمال اللفظ فيما وضع له.
وأما إرادة المتكلم بالفظ المشترك استعمال في كل معانيه وهي مسألة المتن ففيه مذاهب.
والصحيح: أنه يصح استعمال اللفظ المشترك في كل معانيه كقولنا: العين مخلوقة ونريد جميع معانيها.
انظر: جمع الجوامع " (١)، " التبصرة " (١٨٤).
قال ابن الحاجب في " شرح المفصل " كما في " البحر المحيط " (٢):
المشترك: وهو اللفظ الواحد الدال على معنيين مختلفين أو أكثر دلالة على السواء، عند أهل تلك اللغة. سواء كانت الدلالتان مستفادتين من الوضع الأول أو من كثرة الاستعمال. وهو في اللغة على الأصح.
(٢) انظر " الكوكب المنير " (١/ ١٩٥ - ١٩٧).