للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السؤال الثالث

قال السائل - كثر الله فوائده - إنه أشكل عليه ما صار الناس يتعاملون به من العمل بالرقومات في جمع المعاملات: البيوع، والإجارات، والمصادقات، والقبض، والإقباض، وهو أن يجعل ذلك في مرقوم باطلاع أحد القضاة [٨ ب]، فيضع عليه علامته، ثم قد يحصل بعد ذلك بين الغريمين التناكر في ذلك، ويترافعان إلى حاكم آخر، فيقرر أحدهما المرقوم، فهل له أن يعمل به لمجرد الاطلاع في إسقاط حق أو إثباته من الأموال والحقوق على هذه الصفة أم لا؟ فإن قلتم يعمل؛ فهل هو بمنزلة الحكم، أو الشهادة، أو الإخبار؟ وإذا جعلناه كذلك فقد لا يوجد في المرقوم سوى خط كاتب واحد، والعلامة من القاضي، وتحتها لفظة مجملة، وإن قلتم قد جاء في الكتاب العزيز (١) وما يقتضي جواز العمل بالخط، وعمل بذلك الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وكثير من الأئمة وشيعتهم، ولولا ذلك لضاعت الأموال والحقوق، وأتنم قد أشرتم إلى العمل بالخط في كتابكم المبارك " إطلاع أرباب الكمال " (٢)، وذكرتم مادة مفيدة قلت: لعل ذلك في العبادات وما يتبعها في العبادات وما يتبعها في العادات، وعلى صفة مشروطة، وهي معرفة الخط، والعدالة والشخص وشهرته، هذا عند غير أهل المذهب، وأما أهل المذهب فأجازوا العمل بالخط في الأموال إذا انضم إليه ثبوت اليد، كما ذلك هو المقرر في مواضعه؟ قلت: أما مع ثبوت اليد فالرجوع إليه أولي وأحرى وما بقي من فائدة فقد صار


(١) يشير إلى قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ) [البقرة: ٢٨٢].
(٢) وهي رسالة للشوكاني لا تزال مخطوطة: وعنوانها الكامل: " إطلاع أرباب الكمال على ما في رسالة الجلال من الإضلال والاختلال " وقد وعدنا الدكتور هيكل بإرسالها من الولايات المتحدة الأمريكية. أثناء زيارته لصنعاء ونحن نطبع هذا الكتاب. والله الموفق.