للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والبزار، وحسنه (١)، وأخرج الحاكم (٢) عن ابن عباس مرفوعا: " لا يسق ماؤك زرع غيرك "، وأصله في النسائي (٣)، وهذه الأحاديث يقوي بعضها بعضا، فتنتهض للاحتجاج بها على وجوب استبراء الأمة التي يحدد الملك عليها، فلا رجه للتعويل على القياس معها، ولكن العلة هاهنا مذكورة في هذه الأحاديث، وهي أن يسقي ماؤه ولد غيره، أو زرع غيره، فلا يجب الاستبراء على المشتري إلا إذا كانت الأمة حاملا، أو حاملا ثيبا بالغة، وبالمشتري بالغا قاصدا بشرائه الوطء.

وأما إذا كانت الأمة صغيرة (٤)، أو آيسة، أو بكرا، أو كان [٨ أ] المشتري صغيرا، أو امرأة فلا يجب الاستبراء، لأنه حينئذ لا يسقي بمائه زرع غيره. وما ورد من الأحاديث مطلقا عن التعليل بهذه العلة تقييده بالأحاديث التي ذكرت فيها هذه العلة كما هو المسلك الأصولي من حمل المطلق على المقيد، ولا محيص عن هذا لمن سلك بنفسه مسالك الإنصاف، مشى على القوانين الأصولية التي هي جسر الاجتهاد، وقتطرة أرباب الانقياد، فتلخص من هذه المباحث أنه لا يجب الاستبراء على البائع مطلقا، ويجب على من تحدد له ملكه بسبي أو غيره في الأمة الحامل والبالغة الثيب، ولا يجب لغير ذلك مطلقا. وقد ذكرت هذه المسألة في شرحي للمنتقى (٥) بما فيه زيادة بسط، بذكر الخلاف وألفاظ الأحاديث المختلفة، واستيفاء طرقها. وفي هذا المقدار كفاية. والله ولي الهداية.


(١) لم يطبع مسند رويفع بن ثابت من مسند البزار بعد؟!.
(٢) في المستدرك (٢/ ١٣٧) وقال حديث حسن الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة ووافقه الذهبي.
(٣) في السنن (٧/ ٣٠١ رقم ٤٦٤٥) وهو حديث صحيح.
(٤) انظر " المغني " (١/ ٢٧٣ - ٢٧٧).
(٥) " نيل الأوطار " (٦/ ٣٠٥ - ٣٠٩).
وانظر " المغني " (١١/ ٢٧٤ - ٢٨٥).