بعلم الأصول، فإن ثبوت اليد هو أضعف مراتب القوة، لا أوسطها، ولا أعلاها، فإذا اتفق التعارض الذي ذكرنا بين المرقوم الذي على تلك الصفة، وبين ثبوت، فإن كان المرقوم يشتمل على ما يفيد الحكم المعروفين دينا وعلما وعملا، وذلك كأن يقول: تقرر البيع أو صح، أو نحو ذلك، فهذا المرقوم لا شك أنه أرجح، وإن كان المرقوم المذكور ليس فيه لفظ يفيد الحكم وكان كاتبه معروفا، وشهوده معروفين، وصرحوا بأنهم يعرفون البائع ويعرفون (١) ملكه لما باعه، فهذا لا شك أنه أرجح من مجرد الثبوت، وإن كان المرقوم على الصفة التي توجد عليها المراقيم الآن من الترجمة لصدور البيع من دون تصريح الشهود والكاتب بما ذكرنا، وقد رقم حاكم في ذلك [١١ ب] المرقوم رقما مجملا، فهذا محل نظر للحاكم المعتبر، لأن مجرد الكتابة قد أفادت ظاهرا ضعيفا، وأصلا أضعف منه، ومجرد الثبوت قد أفاد ظاهرا ضعيفا، وأصلا أضعف منه، والحاكم الموفق ينبغي له في مثل هذا أن يعول على القرائن إذا أعياه الأمر، ولم يجد إلى الحق سبيلا، ولم يأت ثابت اليد بمستند إلا مجرد الثبوت فيها، مثلا في حال ثابت اليد هل هو ممن يجوز منه الاغتصاب أم لا؟ فإن وجده كذلك كانت هذه قرينة تقوي حجة المتمسك بالرقم، وأن كان ليس له قدره على الاغتصاب كانت هذه قرينة تقوي الثبوت، ثم ينظر أيضًا في مدة الثبوت، فإن كانت متأخرة عن تاريخ الرقم كان ذلك موجبا لقوة حجة المتمسك بالرقم، وأن كانت متقدمة كان ذلك مقويا للثبوت، ثم ينظر في حال المتمسك بالرقم، هل هو باق في الموضع الذي وقع فيه الاختلاف والنزاع، أم هو غائب عنه؟ فإن كان غائبا عن المكان الذي فيه المبيع كان ذلك مقويا لحجة صاحب
(١) في هامش المخطوط قوله: " ويعرفون لما باعه حيث يكون الثابت غير البائع إلى صاحب الرقم. .. المصادفة كما في الحاشية اليمني والله أعلم. تمت كاتبه ".