للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمشتري على بيع ملك (١) الغير، إلا أنه يفيد أصلا ضعيفا وظاهرا ضعيفا يجوز تعزيره إذا لم يأت الخصم بحجة راجحة عليه، وأما إذا جاء الخصم بحجة راجحة عليه لم يجز العمل به، وذلك كأن بأتي الخصم بمرقوم فيه التصريح من الكاتب والشهود أن البائع باع ذلك الشيء وهو يملكه؛ فإن هذا المرقوم أرجح من ذاك [١١ أ]، فلا حكم للمرجوح مع وجود الراجح، وأما إذا تعارض المرقوم الواقع على الصفة المذكورة وثبوت اليد فهاهنا محل إشكال لا يعمله إلا القليل من الرجال، وأما الغالب من الحكام والمفتين فتراهم يرجحون الثبوت، ويصرحون في مراقيمهم وأحكامهم، فإن الثبوت من أعلا مراتب القوة، وهذه الكلمة ظاهرها علم، وباطنها جهل؛ فإن ثبوت اليد إنما هو من باب دليل الاستصحاب (٢)، ودليل الاستصحاب هو من أحسن الأدلة كما يعرف ذلك ممن له خبرة


(١) وجد في هامش المخطوط: " قوله: لجواز التواطؤ بين البائع والمشتري على بيع ملك الغير قد ظهر من هذا التعليل أنه إذا كان المرقوم مشتملا على المشتري مثلا من غير ثابت اليد اعتبر فيه تصريح الكاتب والشهود بملك البائع لم باعه لجواز التواطؤ إلخ. فأما إذا كان المرقوم مشتملا على المشتري مثلا ممن هو ثابت اليد أو ممن ثابت اليد بعد تاريخ الرقم الأول. فالظاهر عدم اشتراط التصريح من الكاتب والشهود وبملك البائع بل تكفي المصادقة هنا لعد وجود العلة المقتضية للاشتراط المذكور وهي التواطؤ إلخ وهذا هو الحق وإن أغفله المجيب دامت إفادته. تمت. كاتبه ".
(٢) الاستصحاب: قال الشوكاني في " إرشاد الفحول " (ص ٧٧٤): أي استصحاب الحال لأمر وجودي أو عدمي عقلي أو شرعي. ومعناه: أن ما ثبت في الزمن الماضي فالأصل بقاءه في الزمن المستقبل مأخوذ من المصاحبة، وهو بقاء ذلك الأمر ما لم يوجد ولزم يظن عدمه قهو مظنون البقاء.
وقال ابن القيم في " إعلام الموقعين " (١/ ٣٣٩): " بأنه استدامة ما كان ثابتا، ونفي ما كان منفيا " أي بقاء الحكم نفيا وإثباتا على ما كان عليه. حتى يقوم دليل على تغيير الحال، فهذه الاستدامة لا تحتاج إلى دليل إيجابي، بل تستمر حتى يقوم دليل مغير، والأصل فيها البراءة الأصلية ومن ادعي خلافها فعليه الدليل.
ومثال ذلك إذا ثبت الملكية في عين بدليل يدل على حدوثها: كشراء أو ميراث أو هبة أو وصية فإنها تستمر حتى يوجد دليل على نقل الملكية أو غيره، ولا يكفي احتمال البيع. ...
أنظر: " أصول الفقه " للشيخ محمد أبو زهرة (ص ٢٩٥ - ٢٩٦).
أنواعه الاستصحاب انظرها في " إرشاد الفحول " (ص ٧٧٢ - ٧٧٥).
أما حجية الاستصحاب: هو حجة وهو رأي الأكثرية من أصحاب مالك والشافعي وأحمد والظاهرية.
انظر: " إرشاد الفحول " (ص ٧٧٤).