للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على القضاء بوجه من الوجوه، ولكنه لم يهتم بالقضاء بحال من الأحوال، فهذا لا شك أن الخطاب في دينه على السلطان. وأما هو فإن أتلف ذلك المال الذي استدانه في غير سرف ولا معصية، فإذا لم يقض عنه السلطان قضى الله عنه، ولا خطاب عنه إلا بترك اهتمامه بالقضاء فقط، لعدم تمكنه من القضاء. ويحتمل أن لا يخاطب بذلك لما تقدم.

واعلم أن العادم الذي ليس بقادر على القضاء هو من لا يجد مالا أصلا إلا ما يستر عورته وعورة من يعول، وما يكنه ويكنهم، ويسد فاقته وفقتهم، وأما من كان له عقار، أو دار، أو عروض فالخطاب عليه بالقضاء منها، متضيق أشد تضيق ومتحتم أبلغ تحتم، فإن زعم والحال هذا أنه مهتم بالقضاء، مريد له، وحريص عليه فهو كاذب على نفسه، مروح لها بالأباطيل، معلل لها بالعلل الزائفة، مطمع له بالشبه الداحضة عند الله، مخادع لها لاخدع التي لا تسمن ولا تغني من جوع [٦] (١).

ما ورد من الأدلة الكثيرة في إيجاب قضاء الدين، وأنه لا حق للوارث في التركة حتى يقضى. وليس كلامنا هذا إلا في تعلق خطاب الله - سبحانه - هل يكون بالسلطان الذي لم يقض دين المديون، أو بالمديون؟ وقد قدمنا إيضاحه بما لا مزيد عليه. قوله: حديث " من ادان ما لم ينو قضائه. ... " (٢)، ومن أخرجه منهم (٣)؟.

أقول: قد قدمنا ما ورد من الأحاديث في هذا المعنى، ومن أخرجها، ويغني عن ذلك كله الحديث الثابت في صحيح البخاري (٤) وغيره (٥) بلفظ: " من أخذ أموال الناس


(١) نقص صفحتين من صورة المخطوط.
(٢) تقدم تخريجه وهو حديث ضعيف.
(٣) الطبراني في " الكبير " (٨/ ٢٩٠ رقم ٧٩٤٩).
والحاكم في " المستدرك " (٢). وقد تقدم.
(٤) في صحيحه رقم (٢٣٨٧).
(٥) كابن ماجه رقم (٢٤١١).