للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بين الرتبتين: رتبة العالم، ورتبة الجاهل في كثير من التكاليف، واختصاص العالم منها بما لا يجب على الجاهل. وبهذا يتكرر لك أنه ليس لأحد من العلماء المختلفين، أو من التابعين لهم والمقتدين بهم أن يقول: الحق ما قاله فلا ن دون فلان، أو فلان أولى بالحق من فلان، بل الواجب عليه إن كان ممن له فهم وعلم وتمييز أن يرد ما اختلفوا فيه إلى كتاب الله وسنة رسوله، فمن كان دليل الكتاب أو السنة معه فهو المحق، وهو الأولى بالحق. من كان دليل الكتاب والسنة عليه لا له كان هو المخطئ ولا ذنب عليه في هذا الخطأ إذا كان [قد] (١) وفى الاجتهاد حقه، بل هو معذور، بل مأجور كما ثبت في الحديث الصحيح (٢) أنه " إذا اجتهد فأصاب فله أجران، إن اجتهد فأخطأ فله أجر ".

فناهيك بخطأ يؤجر عليه فاعله. ولكن هذا إنما هو للمجتهد نفسه إذا أخطأ، ولا يجوز لغيره أن يتبعه في خطئه، ولا بعذر كعذره، ولا يؤجر كأجره، بل واجب على من عداه من المكلفين أن يترك الاقتداء به في الخطأ، ويرجع إلى الحق الذي دل عليه [دليلا] (٣) والكتاب أو السنة. وإذا وقع الرد لما اختلف فيه أهل العلم إلى الكتاب والسنة كان من معه دليل الكتاب والسنة [هو] (٤) الذي أصاب الحق ووافقه، وإن كان مقصرا أن واحد، والذي لم يكن معه دليل [١ب] (٥) الكتاب [و] (٦) السنة هو الذي لم يصب الحق، بل أخطأه، وإن كانوا عددا كثيرا فليس لعلم ولا لمتعلم ولا لمن يعهم وإن كان مقصرا أن يقول: إن الحق بيد من يقتدي به من العلماء (٧) إن كان دليل الكتاب والسنة بيد غيره؛


(١) زيادة من [ب].
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٧٣٥٢) ومسلم رقم (١٧١٦) من حديث عمرو بن العاص. وقد تقدم مرارا.
(٣) في [ب] دليل.
(٤) زيادة من [أ].
(٥) في [ب].
(٦) في [ب] أو.
(٧) انظر مناقشة ذلك فيما تقدم من رسائل رقم (٥٩) و (٦٠) و (٦١) من كتابنا هذا.