للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسنوضح لك ما صح عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - في غير حديث النهي عن رفع القبور، والبناء عليها، ووجوب تسويتها، وهدم ما ارتفع منها. ولكنا ها هنا نبتدي بذكر أشياء في حكيم التوطية والتمهيد لذلك، ثم ننتهي- أن شاء الله - إلى ذكر ما هو المطلوب حتى يعلم من اطلع على هذا البحث أنه إذا وقع الرد لما قاله الإمام يحيى، وما قاله غيره في القباب والمشاهد إلى ما أمر الله بالرد إليه، وهو كتاب الله - سبحانه -، وسنة رسول- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - كان في ذلك ما يشفي ويكفي، ويقنع ويغني ذكر بعضه فضلا عن ذكر جميعه. وعند ذلك يتبين لكل من له فهم ما في رفع القبور من الفتنة العظيمة لهذه الأمة، ومن المكيدة البالغة التي كان همزة الشيطان بها، وقد كاد بها من كان قبلهم من الأمم السالفة كما حكى الله - سبحانه وتعالى - ذلك في كتانه العزيز. وكان أول ذلك قوم نوح.

قال الله - سبحانه -: (قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا) (١) قال جماعة من السلف الصالح (٢): أن يعوق ويغوث ونسرا كانوا قوما صالحين من بني آدم، وكان لهم قوم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم [٩]- الذين كانوا يقتدون بهم -: لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوروهم: (٣) فلما ماتوا وجاء آخرون [٣ب] دب إليهم إبليس فقال: إنما كانوا يعبدونهم [وهم] (٤) يسقون المطر فعبدهم، ثم العرب بعد ذلك. وقد حكى


(١) [نوح ٢١: ٢٤]
(٢) انظر " تفسير القرآن العظيم " (٨) لابن كثير. " جامع البيان " لابن جرير الطبري (١٤ /ج٢٩ - ١٠٠). " تفسير القرآن العظيم " لأبي حاتم (١٠ - ٣٣٧٦).
(٣) (انظر الرسالة رقم (١٧٢) بعنوان " بحث في التصوير " من " الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني ".
(٤) في (ب) وبهم.