للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كيف [١٣] قال سيد البشر، وصفوة الله من خلقه في أنه لا يملك لنفسه لا ضرا ولا نفعا، وكذلك قال في صح (١) عنه: " يا فاطمة بنت محمد، لا أغني عنك من الله شيئا " فإذا كان هذا قول رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - في نفسه، وفي أخص قرابته به، وأحبهم إليه، فما ظنك بسائر الأموات الذين لم يكونوا أنبياء معصومين، ولا رسلا مرسلين! بل غاية ما عند أحدهم أنه فرد من أفراد هذه الأمة المحمدية، وواحد من أهل هذه الملة الإسلامية، فهو أعجز وأعجز عن أن ينفع نفسه، أو يدفع عنها ضررا.

وكيف لا يعجز عن شيء قد عجز عنه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وأخبر أمته كما أخبر الله عنه، وأمره بأن يقول للناس بأنه لا يملك لنفسه [شيئا من ضر ولا نفع] (٢)، وأنه لا يغني عن أخص قربيه من الله شيئا! فيا عجبا كيف يطمع من له أدنى نصيب من علم، وأقل حظ من عرفان أن ينفعه أيضره أنه فرد من التابعين له، المقتدين [يشرعه] (٣)، فهل سمت أذناك أرشدك الله بضلال عقل أكبر من هذا الضلال الذي وقع فيه أهل القبور!؟ (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) (٤).

وقد أوضحنا هذا أبلغ إيضاح في رسالتنا سميناها " الدر النضيد في إخلاص التوحيد " (٥) وهي موجودة بأيدي الناس، [فلا] (٦) شك ولا ريب أن السبب الأعظم الذي نشأ عنه هذا الاعتقاد في الأموات هو ما زينه الشيطان للناس من رفع القبور،


(١) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٤٧٧١) ومسلم رقم (٣٤٨) من حديث أبي هريرة وهو جزء من حديث طويل.
(٢) في (ب) لا ضرا ولا نفعا.
(٣) في (ب) بشريعته.
(٤) [البقرة: ١٥٦]
(٥) انظرها فهي ضمن " الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني " رسالة رقم (٤).
(٦) في (ب) ولا.