للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشتملة على أشياء يسمونها كرامات لذلك الميت، ويبثونها في الناس، ويكررون ذكرها في [١٥] مجالسهم، وعند اجتماعهم بالناس، فتشيع وتستفيض، يتلقاها من يحسن الظن بالأموات، زيقبل عقله ما يروى عنهم من الأكاذيب، فيرويها كما سمعها، ويتحدث بها في مجالسه، فيقع الجهال في بلية عظيمة من الاعتقاد، وينذرون على ذلك الميت بكرائم أموالهم، ويجسون على قبره من أملاكهم ما هو أحبها إلى قلوبهم، لاعتقادهم أنهم ينالون بذلك يجاه ذلك الميت خيرا عظيما، وأجرا بليغا. ويعتقدون أن ذلك قربة عظيمة، وطاعة بالغة، وحسنة متقبلة، فيحصل بذلك مقصود أولئك الذين جعلهم الشيطان من إخوان من بني آدم على ذلك القبر، فإنهم إنما فعلوا تلك الأفاعيل، وهولوا على الناس بتلك التهاويل، وكذبوا لينالوا جانبا من الحطام من أموال الطغام الأغنام. وبهذه الذريعة الملعونة، والوسيلة الإبليسية تكاثرت الأوقاف على القبور، وبلغت مبلغا عظيما، حتى بلغت غلات ما يوقف على المشهورين منهم ما لو جمعت لقامت بما يقتاته أهل قرية كبيرة من قرى المساكين (١)، ولو بيعت تلك الحبائس الباطلة لأغنى الله بها طائفة عظيمة من الفقراء، وكلها من النذر في معصية الله. (٢)

وقد صح عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " لا نذر في معصية الله " (٣) وهى أيضًا من النذر الذي لا يبتغى به وجه الله. وقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " النذر ما ابتغي به وجه الله " (٤) بل كلها من النذور التي يستحق بها فاعلها


(١) نعم النذر للأضرحة إضاعة المال ووضع له في غير موضعه، وذلك وجه آخر من أوجه تحريمه ومقتضى من مقتضياته.
(٢) نعم النذر للأضرحة إضاعة المال ووضع له في غير موضعه، وذلك وجه آخر من أوجه تحريمه ومقتضى من مقتضياته.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (١٦٤١) وأبو داود رقم (٣٣١٦) والنسائي رقم (٣٨٤٠) وابن ماجه رقم (٢١٢٤) كلهم من حديث عمران - رضي الله عنه - وهو حديث صحيح. وأخرجه أبو داود رقم (٣٢٩٢) والترمذي رقم (١٥٢٤) والنسائي رقم (٣٨٣٣) من حديث عائشة - رضي الله عنها - وهو حديث صحيح.
(٤) أخرجه أحمد (١٤ رقم ٧١ - الفتح الرباني) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وأخرجه أيضًا أبو داود رقم (٣٢٧٣) بإسناد حسن.