للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غضب الله وسخطه، لأنها تفضي بصاحبها في الغالب إلى ما به الاعتقاد [١٦] في الأموات من تزلزل قدم الدين إذ لا يسمح [بأحب] (١) أمواله إليه، وألصقها بقلبه، إلا وقد زرع الشيطان في قلبه من محبة ذلك القبر وصاحبه، والمغالاة في الاعتقاد فيه مالا يعود به إلى الإسلام سالما - نعوذ بالله من الخذلان- ولا شك أن غالب هؤلاء المغرورين المخدوعين لو طلب منه طالب أن ينذر بذلك الذي نذر به لقبر [٦ أ] الميت على ما هو طاعة من الطاعات، وقربة من القربات لم يفعل، ولا كاد (٢)

فانظر إلى أين بلغ تلاعب الشيطان بهؤلاء! وكيف رمى بهم في هوة بعيدة القعر، مظلمة الجوانب! فهذه مفسدة من مفاسد رفع القبور، وتشييدها، وزخرفتها، وتجصيصها.

ومن المفاسد البالغة إلى حد يرمي بصاحبه إلى وراء حائط الإسلام، ويلقيه على أم رأسه من أعلى مكان من الدين أنه يأتي كثير منهم بأحسن ما يملكه من الأنعام، ويجوزه من المواشي، فينحره عند ذلك القبر (٣)، مقتربا به إليه، راجيا ما يضمر حصوله له منه، فيهل به لغير الله، ويتعبد به لوثن من الأثان، فإنه لا فرق بين نحر النحائر كحجر منصوبة يسمونها وثنا، وبين قبرلميت يسمونه قبرا. ومجرد الاختلاف في التسمية لا يغني من الحق شيئا، ولا يؤثر تحليلا ولا تحريما، فان من أطلق على الخمر غير اسمها وشربها


(١) في (ب) (بلعب).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٦٦٠٨) ومسلم رقم (٢) وأبو داود رقم (٣٢٨٧) والنسائي (٧ رقم ٣٨٠١) وابن ماجه رقم (٢١٢٢).
عن ابن عمر قال: " نهى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن النذر، وقال: إنه لا يرد شيئا وإنما يستخرج به من مال بخيل ".
قال ابن تيمية في " مجموع فتاوى " (١١): أما النذر للموتى من الأنبياء والمشايخ وغيرهم أو لقبورهم أو المقيمين عند قبورهم فهو نذر شرك ومعصية لله تعالى سواء كان النذر نفقة أو ذهبا أو غير ذلك وهو شبيه بمن ينذر للكنائس والرهبان وبيوت الأصنام ".
(٣) انظر الرسالة: " كنت قبوريا " (ص١٥ - ٢٨).