للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأكثرهم تحريا للحق، وإرشادا إليه، وتاثيرا له، ولكنا لما رأنياه قد خالف من عداه بما قاله من جواز بناء القباب على القبور ردنا هذا الاختلاف إلى ما أوجب الله الرد إليه، وهو كتاب الله وسنة رسوله، [فوجنا] (١) في ذلك ما قدمنا ذكره من الأدلة الدالة أبلغ [٦ب] دلالة، والمنادية بأعلى صوت بالمنع من ذلك، والنهي عنه، واللعن لفاعله، والدعاء عليه [واشتداد] (٢) غضب الله عليه مع ما ذلك من كونه ذريعة إلى الشرك، ووسيلة إلى الخروج من الملة كما أوضحنا.

فلو كان القائل بما قال الإمام يحيى بعض الأمة أو أكثرها لكان قولهم رد عليهم كما قدمناه في أول هذا البحث، فكيف والقائل به فرد من أفرادهم! وقد صح عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " كل أمر ليس عليه أمرنا فهو رد " (٣) ورفع القبور وبناء القباب عليها ليس عليه أمر رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - كما عرفناك بذلك، رد على قائلة، أي مردود عليه. والذي شرع للنا س هذه الشريعة الإسلامية هو الرب -سبحانه - بما أنزل في كتابه، وعلى لسان رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فليس لعالم وإن بلغ من العلم إلى أرفع رتبة وأعلى منزل -أن يكون بحيث يقتدي به فيما خالف الكتاب والسنة أو أحدهما، بل ما وقع منه الخطأ بعد توفية الاجتهاد حقه يستحق به أجرا، ولا يجوز لغيره أن يتابعه [عليه] (٤). وقد أوضحنا هذا في أول البحث بما لا يأتي التكرار له بمزيد فائدة.

وأما ما استدل به الإمام يحيى - رحمه الله -[حيث قال] (٥): لا ستعمال المسلمين


(١) في (ب) فوجد.
(٢) في (ب) باشتداد.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٢٦٩٧) ومسلم رقم (١٧١٨) عن عائشة مرفوعًا بلفظ: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ". وقد تقدم مرارا.
(٤) زيادة من (ب).
(٥) في (ب) من قوله.