للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وآله الأكرمين وبعد: فإنها وردت إلي هذه الأبحاث النفيسة، وها أنا أذكر كل بحث منها ثم أتبعه بجوابه بمعونة الله - عز وجل -.

قال السائل - كثر الله فوائده -:

المبحث الأول: ما حقيقة السفر (١) الذي يقصر (٢) فيه الصلاة؟ فإن قيل: الضرب


(١) السفر لغة:
قال الأزهري في " تهذيب اللغة " (١/ ٤٠٢): سمي المسافر مسافرا لكشفه قناع الكن عن وجهه، ومنازل الحضر عن مكانه، ومنزل الخفض عن نفسه وبروزه إلى الأرض الفضاء.
وسمي السفر سفرا لأنه يسفر عن وجوه المسافرين وأخلاقهم، فيظهر ما كان خافيا منه.
السفير: الرسول المصلح بين القوم.
وأسفر الصبح إسفارا: أضاء.
ونجد أن المتتبع لمادة " سفر " أنها ذات معان متعددة منها:
إن من معانيها: قطع المسافات، فالسفر ضد الحضر وهو مشتق من ذلك لما فيه من الذهاب والمجيء كما تذهب الرياح بالسفير من الورق وتجيء، أي بما أسقط من ورق الشجر وتحات.
والجمع أسفار، ورجل سافر، ذو سفر، وقوم سافرة وسفر وأسفار وسفار بمعنى، وقد يكون السفر للواحد، قال الشاعر:
عوجي علي فإنني سفر انظر:
" لسان العرب " (٤ - ٣٦٨) " تاج العروس " (٢) " مختار الصحاح " (ص٣٠٠ - ٣٠١).
السفر شرعا: اتفقت كلمة الفقهاء على أن السفر معناه شرعا: " قطع المسافات بنية السفر ".
(٢) والأصل في قصر الصلاة الكتاب والسنة والإجماع:
أما الكتاب فقد قال تعالى: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) [النساء: ١٠١]
وأما السنة: فقد تواترت الأخبار، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقصر في الصلاة في أسفاره حاجا ومعتمرا، وغازيا. - سيأتي منها خلال الرسالة -.
الإجماع: فقد أجمع أهل العلم على أن من سافر سفرا تقصر في مثله الصلاة في الحج، أو عمرة، أو جهاد، أن له أن يقصد الرباعية فيصليها ركعتين.
" المغني " (٣ - ١٠٥) " الأوسط " لابن المنذر (٤) " الإجماع " (ص٤٢ رقم ٥٨) لابن المنذر.