للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأدلته (١).

وأما الجمع من غير عذر ولا مطر ولا سفر فقد أطال أهل العلم الكلام فيه، وألفوا في ذلك رسائل في كل عصر خصوصا هذه العصور القريبة، وإلى عصرنا الآن. فالمسوعون للجمع مطلقا تمسكوا بما في الصحيحين (٢) وغيرهما من حديث ابن عباس: " أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - صلى بالمدينة سبعا وثمانيا الظهر والعصر والمغرب والعشاء ".

وأخرج أحمد، ومسلم (٣)، وأهل السنن إلا ابن ماجه عنه بلفظ: " جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر " قيل لابن عباس: ما أراد بذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته " وفي لفظ من غير خوف ولا سفر.

وقد أجاب الجمهور القائلون بعدم جواز الجمع لغير عذر عن هذا الحديث بأجوبة منها: أن الجمع منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - كان لعذر المرض وقواه النووي (٤). وليس هذا الجواب صحيح ولا قوي، فإنه لو كان الجمع لعذر المرض لبينه راوي الحديث، ولما صلى معه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إلا من كان له مثل ذلك العذر. وقد وقع التصريح في بعض الروايات بأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - جمع بأصحابه.

ومن جملة (٥) ما أجابوا به أنه كان في غيم ثم انكشف الغيم فبان أن وقت العصر قد دخل. وهذا جواب متعسف، فإن مثل هذا ما كان يخفى على الراوي ولا كان لقوله: لئلا يحرج أمته " معنى.

ومما أجابوا به بأن الجمع المذكور صوري بأن يكون آخر الأولى إلى آخر وقتها، وقدم


(١) انظر هذه الآثار في " المغني " (٣ - ١٣٣).
(٢) تقدم تخريجه. وانظر الرسالة رقم (٨٤). من (الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني).
(٣) تقدم تخريجه. وانظر الرسالة رقم (٨٤). من (الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني).
(٤) في شرحه لصحيح مسلم (٥/ ٢٨١).
(٥) في شرحه لصحيح مسلم (٥/ ٢٨١).