للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتغتسلين وتجمعين بين الصلاتين " (١) ومثله في المغرب والعشاء، وهو ثابت في الأمهات من حديث ابن عباس، وابن عمر. وهذا هو الجمع الصوري بلا شك ولا شبهة. وقد زعم الخطابي (٢) أنه لا يصح حمل الجمع المذكور على الجمع الصوري، لأنه يكون أعظم ضيقا من الإتيان بكل صلاة في وقتها، لأن أوائل الأوقات وأوخرها مما لا يدركه الخاصة فضلا عن العامة.

ويجاب عنه بأن الشارع قد بين أوقات الصلوات بعلامات حسية مشترك في العلم بها الخاصة والعامة، ومعلوم أن الخروج إلى الصلاتين مرة واحدة أخف من الخروج مرتين والضوء لها مرة واحدة أخف من التأهب لهما مرتين، فمن هذه الحيثية ظهر التخفيف وعدم الحرج، لأنه فعله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - المستمر الدائم طول حياته من بعد أن بعثه الله إلى أن قبضه هو فعل كل صلاة في أول وقتها، وخفف عن امته بتشريع الجمع الصوري مع كونه فعلا لكل صلاة في وقتها المضروب لها، لكن الصلاة الأولى فعلت في آخر وقتها، والصلاة الأخرى فعلت في أول وقتها، وليس في ذلك إخراج يدل على شيء من الصلوات عن وقتها المضروب لها، ولا ورد عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - شيء يدل على ذلك دلالة مطلقة تستلزم إخراج إحدى الصلاتين المجموعتين عن وقتها المضروب لها إلا في جمع مزدلفة (٣)، وفي جمع السفر والمطر، فليعض الجامعون بين الصلوات على بنانهم، وليبكوا على تفريطهم


(١) أخرجه أحمد (٦، ٣٨١ - ٣٨٢، ٤٣٩ - ٤٤٠) وأبو داود في " السنن " رقم (٢٨٧) والترمذي رقم (١٢٨) وابن ماجه رقم (٦٢٧).
قال الترمذي في " السنن " (١) سألت محمدا -البخاري- عن هذا الحديث فقال: هو حديث حسن. وهو كما قال.
(٢) ذكره الحافظ في " الفتح " (٢).
(٣) تقدم ذكره.