للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بها على ما ظننت من التعليم، بل زوجه بها لأجل المزية التي استحقها بحفظ ذلك المقدار من القرآن، إكراما له، ولم يجعل التعليم الصداق (١).

قلت: يكفي في رد هذا الزعم ما قدمناه من قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " زوجتكها [٣] تعلمها من القرآن "، وقوله: " عملها عشرين آية ".


(١) قال الحافظ في الفتح (٩/ ٢١٢): قال المازري: " هذا ينبني أن الباء للتعويض كقولك بعتك ثوبي بدينار وهذا هو الظاهر، وإلا لو كانت بمعنى اللام على معنى تكريمه لكونه حاملا للقرآن فصارت المرأة بمعنى الموهوبة والموهوبة خاصة بالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - ".
قال القرطبي: في " المفهم " (٤): قوله " علمها " نص في الأمر بالتعليم والمساق يشهد بأن ذلك لأجل النكاح. ولا يلتفت لقول من قال: إن ذلك كان إكراما للرجل بما حفظه من القرآن فإن الحديث يصرح بخلافه.
وقول المخالف: إن الباء بمعنى اللام ليس بصحيح لغة ولا مساقا وكذلك لا يعول على قول الطحاوي والأبهري إن ذلك كان مخصوصا بالنبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما كان مخصوصا بجواز الهبة في النكاح لأمور منها:
١ - مساق الحديث وهو شاهد لنفي الخصوصية.
٢ - قوله الرجل، زوجنيها ولم يقل هبها لي.
٣ - قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اذهب، فقد زوجتكها بما معك من القرآن، فعلمها.
٤ - إن الأصل التمسك بنفي الخصوصية في الأحكام.
ثم قال: قال الجمهور على جواز كون الصداق منافع وهذا الحديث رد أبي حنيفة في منعه أخذ الأجر على تعليم القرآن ويرد عليه أيضًا قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله " - وقد تقدم.
ثم قال: وقول الرجل: معي سورة كذا، وسورة كذا - عددها فقال: " اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن فعلمها " يدل: على أن القدر الذي انعقد به النكاح من التعليم معلوم، لأن قوله: " بما معك " معناه: بالذي معك وهي السور المعددة المحفوظة عنده، التي نص على أسمائها، قد تعينت المنفعة، وصح كونها صداقا وليس جهالة.
وانظر " فتح الباري " (٩ - ٢١٣).