قال القرطبي: في " المفهم " (٤): قوله " علمها " نص في الأمر بالتعليم والمساق يشهد بأن ذلك لأجل النكاح. ولا يلتفت لقول من قال: إن ذلك كان إكراما للرجل بما حفظه من القرآن فإن الحديث يصرح بخلافه. وقول المخالف: إن الباء بمعنى اللام ليس بصحيح لغة ولا مساقا وكذلك لا يعول على قول الطحاوي والأبهري إن ذلك كان مخصوصا بالنبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما كان مخصوصا بجواز الهبة في النكاح لأمور منها: ١ - مساق الحديث وهو شاهد لنفي الخصوصية. ٢ - قوله الرجل، زوجنيها ولم يقل هبها لي. ٣ - قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اذهب، فقد زوجتكها بما معك من القرآن، فعلمها. ٤ - إن الأصل التمسك بنفي الخصوصية في الأحكام. ثم قال: قال الجمهور على جواز كون الصداق منافع وهذا الحديث رد أبي حنيفة في منعه أخذ الأجر على تعليم القرآن ويرد عليه أيضًا قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله " - وقد تقدم. ثم قال: وقول الرجل: معي سورة كذا، وسورة كذا - عددها فقال: " اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن فعلمها " يدل: على أن القدر الذي انعقد به النكاح من التعليم معلوم، لأن قوله: " بما معك " معناه: بالذي معك وهي السور المعددة المحفوظة عنده، التي نص على أسمائها، قد تعينت المنفعة، وصح كونها صداقا وليس جهالة. وانظر " فتح الباري " (٩ - ٢١٣).