وقال أيضا: وقد اتفق أهل العلم بالحديث والآثار أن هذا لم يكن على عهد القرون المفضلة وبذلك يتضح لك أن رفع الصوت بالتهليل الجماعي مع الجنائز بدعة منكرة وهكذا ما شابه ذلك من قوله وحدوه أو اذكروا الله أو قراءة بعض القصائد كالبردة. ثم قال: " وأما كون أهل البلد، أو بلدين، أو عشر: تعودوا ذلك فليس هذا إجماعا بل أهل مدينة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التي نزل فيها القرآن والسنة، وهي دار الهجرة والنصر والإيمان والعلم، لم يكونوا يفعلون ذلك، بل لو اتفقوا في مثل زمن مالك وشيوخه على شيء، ولم ينقلوه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو خلفائه، لم يكن إجماعهم حجة عند جمهور المسلمين، وبعد زمن مالك وأصحابه ليس إجماعهم حجة، باتفاق المسلمين فكيف بغيرهم من أهل الأمصار. وأما قول القائل: إن هذا يشبه بجنائز اليهود والنصارى، فليس كذلك، بل أهل الكتاب عادتهم رفع الأصوات في الجنائز وقد شرط عليهم في شرط أهل الذمة أن لا يفعلوا ذلك. ثم إنما نهينا عن التشبه بهم فيما ليس من طريق سلفنا الأول، وأما إذا اتبعنا سلفنا كنا مصيبين، وإن شاركنا في بعض ذلك نم شاركنا كما أنهم يشاركوننا في الدفن في الأرض، وغير ذلك. أنظر: " مجموع فتاوى ابن تيمية " (٢٤ - ٢٩٥).