للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالْمَعْرُوفِ} (١) هو تسليم مهرها , ولا سيما إذا كانت مطالبة له به، مصبقة عليه فيه، بل مطلها من أعظم أنواع الضرار التي نهى الله عنها بقوله تعالى: {وَلَا تُضَارُّوهُنَّ} (٢).

وبالجملة فالهدي النبوي، والقانون المصطفوي هو تسليم مهر النساء قبل استحلال فروجهن، والدخول عليهن، من غير نظر إلى وقوع الطلب منهن. أما إذا وقع الطلب منهن فقد تعين ذلك على الزوج، فإن قدر عليه سلمه، وإن لم يقدر عليه فهو قبل الدخول بالخيار بين تسريحها أو إمساكها، غير مطالب لها بحقه قبل الوفاء منه بحقها، وإن كان قد دخل بها وطالبته بتسليمه وهو متمكن فلا شك ولا شبهة أنه يجب عليه ذلك، فإن لم يفعل كان لحكام المسلمين أن يأخذوا من ماله بقدر ذلك، شاء أم أبى، كما يفعلون ذلك في سائر الديون، فإن هذا دين من أهم الديون وأحقها بالوفاء. وليس له ولا لغيره من ولي , أو صحب ولاية أن يجبرها على تسليم حقه حتى تستوفي منه حقها.

وأما إذا كان فقيرا فلا حرج عليها في الامتناع حتى يذهب، فيتكسب ما يقوم بمهرها. وقد يقال: إن هذا الدين وإن كان من أهم الديون فقد دخل تحت قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (٣) ولما كان الزوج ذا عسرة كان عليها إنظاره إلى ميسرة، ولكن هذا الدليل وإن أفاد وجوب الإنظار فلا يفيد وجوب التمكين منها له. والأدلة الدالة على وجوب الطاعة والانقياد وإن تناولت التمكين من الوطء تناولا أوليا، لكن لا يبعد أن يقال: إن لها أن تمنع منه ما مطلها بعوضه، حتى تحصله


(١) [النساء: ١٩].
(٢) [الطلاق: ٦].
(٣) [البقرة: ٢٨٠].