قال ابن كثير في تفسيره (١/ ٦٠٩): " أي ولهن على الرجال من الحق مثل ما للرجال عليهن، فليؤد كل واحد منهما إلى الآخر ما يجب عليه بالمعروف كما ثبت في صحيح مسلم رقم (١٢١٨) عن جابر أن رسول الله - قال في خطبته في حجة الوداع: " فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف ". وفي حديث بهز بن حكيم عن معاوية بن حيدة القشيري، عن أبيه، عن جده أنه قال: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا؟ قال: " أن تطعمها وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت " أخرجه أبو داود بسند حسن ". (٢) قيل: اللتيا تصغير التي، وهي الداهية الصغيرة. والتي هي الداهية الكبيرة. ويقال: وقع فلان في اللتيا والتي، وهما اسمان من أسماء الداهية. وقيل: تصغير لتي واللاتي: اللات اللتيا واللتيا، بالفتح والتشديد. انظر: " لسان العرب " (١٢/ ٢٣٤). (٣) قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، أن للمرأة أن تمتنع من دخول الزوج عليها، حتى يعطيها مهرها. وإن كان معسرا بالصداق امتنعت لأن امتناعها بحق. وإن كان الصداق مؤجلا، فليس لها منع نفسها قبل قبضه، لأن رضاها بتأجيله رضى بتسليم نفسها قبل قبضه، كالثمن المؤجل في البيع. فإن حل المؤجل قبل تسليم نفسها، لم يكن لها منع نفسها أيضا، لأن التسليم قد وجب عليها واستقر قبل قبضه، فلم يكن لها أن تمنع منه. وإن كان بعضه حالا وبعضه مؤجلا، فلها منع نفسها قبل العاجل دون الآجل، ثم لو أرادت منع نفسها حتى تقبضه، فقد توقف أحمد عن الجواب فيها , وذهب أبو عبد الله ابن بطة، وأبو إسحاق بن شاقلا إلى أنها ليس لها ذلك. وهو قول مالك والشافعي، وأبي يوسف ومحمد، لأن التسليم استقر به العوض برضى المسلم فلم يكن لها أن تمتنع بعد ذلك. كما لو سلم البائع المبيع. وذهب أبو عبد الله ابن حامد إلى أن لها ذلك، وهو مذهب أبي حنيفة، لأنه تسليم يوجبه عليها عقد النكاح. فملكتت أن تمتنع منع قبل قبض صداقها، كالأول. فأما إن وطئها مكرهة، لم يسقط به حقها من الامتناع لأنه حصل بغير رضاها، كالمبيع إذا أخذه المشتري من البائع كرها. وإن أخذت الصداق فوجدته معيبا، فلها منع نفسها حتى يبدله، أو يعطيها أرشه. لأن صداقها صحيح، وإن لم تعلم عيبه حتى سلمت نفسها، خرج على الوجهين فيما إذا سلمت نفسها قبل صداقها ثم بدا لها أن تمتنع. انظر: " المغني " (١٠/ ١٧١ - ١٧٢).