للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويجاب عن ذلك بأن هذا الذي هو محل النزاع، فعل ما فعله من الاستمناء للحاجة، وعدم القدرة على زوجة أو أمة، أما لو كان قادرا عليهما، وأراد أن يعدل عنهما إلى الاستمناء فلا شك أن فعله هذا يخالف ما ورد من الترغيب في النكاح، بل مجرد ترك التزوج مع القدرة عليه، يخالف ما ورد في الشرع من الترغيب في النكاح، ولو لم يقع منه الاستمناء أو نحوه.

ومن جملة ما تمسكوا به، قياس الاستمناء على اللوطية (١)، يجامع قطعهما للنسل، ومنعهما منه، ويجاب بأن هذا قياس مع الفارق؛ فإن التلوط هو في فرج محرم شرعا، وليس الاستمناء في فرج.

وأيضا يجاب بالمعارضة، وهو أن هذا القياس يجري في الاستمتاع فيقال: الاستمتاع من الزوجة بغير الفرج قد سوغه الشارع مع كونه يجامع اللوطية في قطع النسل، فلو كان ذلك موجبا للتحريم لكان الاستمتاع المذكور حراما، واللازم باطل فالملزوم مثله، والجواب الجواب، وأيضا بالنقض فيقال: لو كان هذا القياس صحيحا لكان الحد واجبا على من استمنى، كما يجب على من تلوط، وليس بواجب بإجماع المسلمين.

ومن جملة ما تمسكوا به قياس الاستمناء بالكف ونحوه على العزل (٢)، ويجاب بأن


(١) عن ابن عباس قال قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ".
أخرجه أحمد (١/ ٣٠٠) وأبو داود رقم (٤٤٦٢) وابن ماجه رقم (٢٥٦١) والترمذي رقم (١٤٥٦) والحاكم (٤/ ٣٥٥) وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي. والبيهقي (٨/ ٢٣٢). وهو حديث صحيح.
وانظر " الكبائر " للذهبي (ص ٨١ - ٨٢) الكبيرة السابعة عشرة.
(٢) قال في " المسوي " (٢/ ١٩٣): " اختلف أهل العلم في العزل، فرخص فيه غير واحد من الصحابة والتابعين، وكرهه جمع منهم، ولا شك أن تركه أولى ".
أخرج مسلم رقم (١٤١/ ١٤٤٢) ومالك (٨/ ٦٠٧ - ٦٠٨) وأبو داود رق (٣٨٨٢) والترمذي رقم (٢٠٧٧) والنسائي (٦/ ١٠٦ - ١٠٧) وابن ماجه رقم (٢٠١١).
عن جذامة بنت وهب الأسدية قالت: " أنهم سألوا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن العزل فقال: ذلك الوأد الخفي ". وهو حديث صحيح.
وقد استدل على جواز العزل بحديث جابر في صحيح البخاري رقم (٥٢٠٩) ومسلم رقم (١٤٤٠) قال: " كنا نعزل على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والقرآن ينزل ".
ويمكن الجمع بحمل الأحاديث القاضية بالمنع على مجرد الكراهة فقط دون التحريم.
وانظر تفصيل ذلك في " الفتح " (٩/ ٣٠٧ - ٣١٠).