للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجوامع: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن نكاح اليمين.

قال: أخرجه ابن عساكر. ويجاب بأن مثل هذه الروايات الواهية لا تنتهض للاحتجاج بها. وعلى فرض أنه يقوي بعضها بعضا، فيحمل مطلقها على مقيدها، ويكون الممنوع منه الاستمناء باليمين لا باليساء، ولا بشيء من الجمادات.

ومن جملة ما تمسك به المانعون ما علم من محافظة الشرع وعنايته بتحصيل مصلحة التناسل (١). ويجاب بأن هذا مسلم إذا استمنى من له زوجة، أو أمة حاضرتان لا من كان أعزب، أو كان في بلاد بعيدة عن من يحل له نكاحه، ولا سيما إذا كان ترك ذك يضره، كمن يكون قوي الباءة، كثير الاحتياج إلى إخراج ما ببدنه من فضلات المني، فإن هذا باب من أبواب التداوي التي أباح الشارع جنسها من غير تعيين لنوعها، ولا لشخصها. وليس هذا من التداوي بالحرام حتى يقال أن الله (٢) لم يجعل شفاءنا فيما حرمه علينا، لما عرفت أنه لم ينتهض الدليل القاضي بالتحريم.

ومن جملة ما تمسكوا به أنه ينافي ما ورد في الشرع من الترغيب في النكاح (٣)،


(١) عن معقل بن يسار قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " تزوجوا الودود الولود، فإن مكاثر بكم الأمم ".
أخرجه أبو داود رقم (٢٠٥٠) والنسائي (٦/ ٦٥) والحاكم (٢/ ٦٢) وصححه ووافقه الذهبي. وهو حديث صحيح.
(٢) عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم ".
أخرجه البخاري في صحيحه (٩/ ٨٧) معلقا ووصله ابن حجر في " الفتح " (٩/ ٧٩).
وأخرج أبو داود رقم (٣٨٧٤) من حديث أبي الدرداء قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا ولا تداووا بحرام ".
وهو حديث حسن بشواهده.
(٣) أخرج البخاري في صحيحه رقم (٥٠٦٦) ومسلم رقم (١٤٠٠) وأبو داود رقم (٢٠٤٦) والترمذي رقم (١٠٨١) والنسائي (٦/ ٥٨). عن عبد اله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء ".
قال الحافظ في " الفتح " (٩/ ١١٢): واستدل به بعض المالكية على تحريم الاستمناء لأنه أرشد عند العجز عن التزويج إلى الصوم الذي يقطع الشهوة، فلو كان الاستمناء مباحا لكان الإرشاد إليه أسهل.