للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من المشتبهات التي لم تكن من الحلال البين (١)، ولا من الحرام البين، والمؤمنون وقافون عند الشبهات (٢)، ولو صح الحديث المتقدم في نكاح اليد، أو كان حسنا لتبين به التحريم، وهكذا لو صحت دلالة الآية عليه بوجه من وجوه الدلالات، ولا شك أن في هذا العمل هجنة، وخسة وسقوط نفس، وطرح حشمة، وضعف همة، وكن الشأن في تحريمه، فإن من حرم شيئا لم ينتهض الدليل على تحريمه كان من المتقولين على الله ما لم يقل، وقد جاءت العقوبة لفاعله بالأدلة الصحيحة، وبهذا يتضح جواب ما سأل عنه السائل - كثر الله فوائده - حيث قال: ما قولكم في الاستمناء بالكف أو التفخذ أو نحوها؟.

وأما قوله: أو شيء يخالف جسد الإنسان كالحك في شيء يحصل به الاستمناء، هل ذلك محرم أم لا معاقب عليه، مثاب فيه عند ضرورة توجهت له تكاد توجب الزنا , أم لا؟. انتهى.

فأقول: ليس في كتاب الله , ولا في سنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دليل صحيح، ولا ضعيف يقتضي تحريم ما ذكره، بل هو عند الضرورة إليه مباح (٣)، وإذا تعاظمت الضرورة،


(١) انظر الرسالة رقم (٥٨).
(٢) تقدم في الرسالة رقم (٥٨).
(٣) انظر " بدائع الفوائد ".
قال الحافظ في " الفتح " (٩/ ١١٢): وقد أباح الاستمناء طائفة من العلماء وهن عند الحنابلة وبعض الحنفية لأجل تسكين الشهوة.
قال ابن حزم في " المحلى " (١١/ ٣٩٢): " فلو عرضت فرجها شيئا دون أن تدخله حتى تنزل فيكره هذا، ولا إثم فيه، وكذلك الاستمناء للرجال، سواء بسواء؛ لأن المسلمين الرجل ذكره بشماله مباح ومس المرأة فرجها كذلك مباح، بإجماع الأمة كلها. فإذا هو مباح، فليس هنالك زيادة على المباح، إلا التعمد لنزول المني، فليس ذلك حراما أصلا لقول الله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: ١١٩]. وليس هذا مما فصل لنا تحريمه، فهو حلال، لقوله تعالى: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: ٢٩]. إلا أننا نكرهه لأنه ليس من مكارم الأخلاق ولا من الفضائل.