للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السُّفَهَاءَ (١) أَمْوَالَكُمُ} (٢) تمكين المرأة (٣) من مال الرجل، كما ذكره السائل - عافاه الله -


(١) وأصل السفه في كلام العرب: الخفة والرقة.
ويقال: ثوب سفيه، إذا كان رديء النسخ خفيفه أو كان باليا رقيقا , وتسفهت الرياح: اضطربت، وتسفهت الريح الغصون: حركتها واستخفهتا، وقال ذو الرمة:
مشين كما اهتزت رماح تسفهت ... أعاليها مر الرياح النواسم
وتسفهت الشيء: استحقرته.
وقيل: السفه: خفة الحلم، نقيض الحلم، وأصله الخفة والحركة.
ويقال: إن السفه أن يكثر الرجل شرب الماء فلا يروى. ويجوز في همزتي السفهاء أربعة أوجه، أجودها أن تحقق الأولى وتقلب الثانية واو خالصة. وهي قراءة أهل المدينة، والمعروف من قراءة أبي عمرو. " اللسان " (٦/ ٢٨٧ - ٢٨٩). .
(٢) [النساء: ٥].
(٣) قال ابن جرير في " جامع البيان " (٣ جـ ٤/ ٢٤٥ - ٢٤٨): اختلف أهل التأويل في السفهاء الذين نهى الله جل ثناؤه عباده أن يؤتوهم أموالهم، فقال بعضهم: هم النساء والصبيان.
ثم قال بعد ذكر أقوال مختلفة في معنى " السفهاء ": والصواب من القول في تأويل ذلك عندنا أن الله جل ثناؤه عم بقوله: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} فلم يخصص سفيها دون سفيه، فغير جائز لأحد أن يؤتي سفيها ماله صبيا صغيرا كان أو رجلا كبيرا، ذكرا كان أو أنثى، والسفيه الذي لا يجوز لوليه أن يؤتيه ماله، هو المستحق الحجر بتضييعه ماله فسادا وإفساده، وسوء تدبيره ذلك.
وإنما قلنا ما قلنا من أن المعنى بقوله: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ} هو من وصفنا دون غيره، لأن الله جل ثناؤه قال في الآية التي تتلوها: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} فأمر أولياء اليتامى بدفع أموالهم إليهم إذا بلغوا النكاح، وأونس منهم الرشد، وقد يدخل في اليتامى الذكور والإناث، فلم يخصص بالأمر بدفع ما لهم من الأموال، الذكور دون الإناث، ولا الإناث دون الذكور، وإذا كان ذلك كذلك، فمعلوم أن الذين أمر أولياؤهم بدفعهم أموالهم إليه وأجيز للمسلمين مبايعتهم، ومعاملتهم، غير الذين أمر أولياؤهم بمنعهم أموالهم، وحظر على المسلمين مداينتهم ومعاملتهم، فإذا كان ذلك كذلك، فبين أن السفهاء الذين نهى الله المؤمنين أن يؤتوهم أموالهم هم المستحقون الحجر، والمستوجبون أن يولي عليهم، وهم من وصفنا صفتهم قبل، وأن من عدا ذلك فغير سفيه، لأن الحجر لا يستحقه من قد بلغ، وأونس رشده.
وأما قول من قال: عنى بالسفهاء النساء خاصة، فإنه جعل اللغة على غير وجهها، وذلك أن العرب لا تكاد تجمع فعيلا على فعلاء إلا في جمع الذكور، أو الذكور والإناث، وأما إذا أرادوا جمع الإناث خاصة لا ذكران معهم، جمعوه على فعائل وفعيلات، مثل غريبة تجمع غرائب وغريبات، فأما الغرباء فجمع غريب.
وقال القرطبي في " الجامع لأحكام القرآن " (٥/ ٢٨): روى سفيان عن حميد الأعرج عن مجاهد قال: هن النساء. قال النحاس وغيره: وهذا القول لا يصح، إنما تقول العرب في النساء: سفائه أو سفيهات؛ لأنه الأكثر في جمع فعيلة، ويقال: لا تدفع مالك مضاربة ولا إلى وكيل لا يحسن التجارة. وروي عن عمر أنه قال: من لم يتفقه فلا يتجر في سوقنا، فذلك قوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} يعني الجهال بالأحكام.
وانظر " إعراب القرآن " للنحاس (١/ ٤٣٢).