للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبق، وهو معنى قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " بالمعروف " أي لا يغير المعروف، وهو السرف والتقتير.

نعم. إذا كان الرجل لا يسلم ما يجب عليه من النفقة جاز لنا الإذن لمن له النفقة بأن يأخذ ما يكفيه، إذا كان من أهل الرشد لا إذا كان من أهل السرف والتبذير، فإنه لا يجوز لنا تمكينه من مال من عليه النفقة، لأن الله تعالى يقول: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} (١) بل ورد ما يدل على عدم جواز دفع أموال من لا رشد لهم إليهم كما في قوله تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} (٢) فجعل الرشد شرطا لدفع أمولهم إليهم، فكيف يجوز دفع أموال غيرهم إليهم مع عدم الرشد؟ ولكن يجب علينا إذا كان من عليه النفقة متمردا، ومن له النفقة ليس بذي رشد أن يجعل الأخذ إلى ولي من لا رشد له، أو إلى رجل عدل.

وأما ما ورد في بعض التفاسير (٣) من أن المراد بالسفهاء في قوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا


(١) [النساء: ٥].
(٢) [النساء: ٦].
قال القرطبي في " الجامع لأحكام القرآن " (٥/ ٣٧): واختلف العلماء في تأويل " رشدا " فقال الحسن وقتادة وغيرهما: صلاحا في العقل والدين.
وقال ابن عباس والسدي والثوري: صلاحا في العقل وحفظ المال.
وقال ابن جرير الطبري في " جامع البيان " (٣ جـ ٤/ ٢٥٣): وأولى الأقوال عندي بمعنى الرشد في هذا الموضع: العقل وإصلاح المال لإجماع الجميع على أنه إذا كان كذلك لم يكن لمن يستحق الحجر عليه في ماله وحوز ما في يده عنه.
وإن كان فاجرا في دينه، وإن كان ذلك إجماعا من الجميع، فكذلك حكمه إذا بلغ، وله مال في يدي وصي أبيه، أو في يد حاكم قد ولي ماله لطفولته، واجب عليه تسليم ماله إليه، إذا كان عاقلا بالغا، مصلحا لماله غير مفسد ".
(٣) انظر " الجامع لأحكام القرآن " (٥/ ٢٩).